كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 65 """"""
الرماة ، واستعمل عليهم عبد الله بن جبير ، وقال : قوموا على مصافكم هذه فاحموا ظهورنا ، لا يأتونا من خلفنا ، فإن رأيتمونا قد غنمنا ، فلا تشركون ، وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا .
وأقبل المشركون ، وقد صفوا صفوفهم ، واستعملوا على الميمنة خالد بن الوليد ، وعلى الميسرة عكرمة بن أبى جهل ، ولهم مجنبتان مائتا فرس ، وجعلوا على الخيل صفوان بن أمية ، ويقال : عمرو بن العاص . وعلى الرماة عبد الله بن أبى ربيعة ، وكانوا مائة رام ، ودفعوا اللواء إلى طلحة - واسم أبى عبد الله ابن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار - فسأل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : من يحمل لواء المشركين ؟ فقيل : عبد الدار . فقال : نحن أحق بالوفاء منهم ، أين مصعب ابن عمير ؟ قال : هأنذا ؛ قال : خذ اللواء ؛ فأخذ مصعب ، فتقدم به بين يدى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .
قال ابن إسحاق : وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟ فقال رجال ، فأمسكه عنهم ، حتى قام أبو دجانة سمك بن خرشة أخو بنى ساعدة ، فقال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال : تضرب به في العدو حتى ينحنى ؛ قال : أنا آخذه يا رسول الله بحقه . فأعطاه إياه . وكان أبو دجانة إذا اعلم بعصابة له حمراء علم الناس أنه سيقاتل ، فلما أخذ السيف من يد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، أخرج عصابته تلك فعصب بها رأسه ، وجعل يتبختر بين الصفين . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حين رآه : إنها لمشية يبغضها الله ورسوله ، إلا في هذا الموطن .
قال ابن هشام : إن الزبير بن العوام قال : وجدت في نفسى حين سألت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) السيف فمنعنيه وأعطاه أبا دجانة ، فقلت : والله لأنظرن ما يصنع . فأتبعه ، فأخرج عصابة حمراء فعصب بها رأسه ، فقالت الأنصار : أخرج أبو دجانة عصابة الموت . وجعل يقول :

الصفحة 65