كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 71 """"""
والحارث بن الصمة ، ورهط من المسلمين ، فلما أسند رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في الشعب أدركه أبى بن خلف ، وهو يقول : أين محمد ؟ لا نجوت إن نجا ، فقال القوم : يا رسول الله ، أيعطف عليه رجال منا ؟ قال رسول الله : دعوه . فلما دنا تناول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الحربة من الحارث بن الصمة ، قال : فلما أخذها انتفض منا انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعراء عن ظهر البعير إذا انتفض بها ، ثم استقبله فطعنه بها طعنة في عنقه تدأدأ منها عن فرسه مرارا ؛ وكان أبى بن خلف قبل ذلك يلقى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فيقول : إن عندى العود - فرسا - أعلفه كل يوم فرقا من ذرة أقتلك عليه . فيقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : بل أنا أقتلك إن شاء الله . فلما رجع إلى قريش ، وقد خدشه في عنقه خدشا غير كبير ، فاحتقن الدم فيه ، فقال : قتلنى والله محمد ؛ قالوا : ذهب والله فؤادك والله إن بك بأس ؛ قال : إنه قد قال لى بمكة : أنا أقتلك ، والله لو بصق علي لقتلني . فمات عدو الله بسرف وهم قافلون إلى مكة ، وفي ذلك يقول حسان بن ثابت :
لقد ورث الضلال عن أبيه . . . أبى يوم بارزه الرسول
أتيت إليه تحمل رم عظم . . . وتوعده وأنت به جهول
وقد قتلت بنو النجار منكم . . . أمية إذ يغوث : يا عقيل
وتب ابنا ربيعة إذ أطاعا . . . أبا جهل ، لأمهما الهبول
وأفلت حارث لما شغلنا . . . بأسر القوم ، أسرته قليل
وقال حسان أيضا فيه :
ألا من مبلغ عنى ابيا . . . فقد ألقيت في سحق السعير

الصفحة 71