كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 75 """"""
خزيت في بدر وبعد بدر . . . يا بنت وقاع عظيم الكفر
صبحك الله غداة الفجر . . . بالهاشميين الطوال الزهر
بكل قطاع حسام يفرى . . . حمزة ليثى وعلى صقرى
إذ رام شيب وأبوك غدرى . . . فخضبا منه ضواحى النحر
ونذرك السوء فشر نذر قالت هند غير ذلك من الشعر وأجيبت بمثله ، وتركنا ذلك اختصارا .
قال ابن إسحاق : ومر الحليس بن زبان أخو بنى الحارث بن عبد مناة ، وهو يومئذ سيد الأحابيش بأبى سفيان ، وهو يضرب في شدق حمزة بزج الرمح ، ويقول : ذق عقق . فقال الحليس : يا بنى كنانة ، هذا سيد قريش يصنع بآبن عمه ما ترون لحما ؛ قال : ويحك اكتمها عنى ، فإنها كانت زلة . قال ولما فرغ الناس لقتلاهم خرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يلتمس حمزة ، فوجده ببطن الوادى قد بقر بطنه عن كبده ، وجدع أنفه وأذناه . فقال حين رآه : لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدى لتركتك حتى تكون في بطون السباع وحواصل الطير ، ولئن أظهرنى الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم . فلما رأى المسلمون حزن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وغيظه على من فعل بعمه ما فعل ، قالوا : والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب . فأنزل الله تعالى قوله : " وإن علقبتم فعلقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ، واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون . إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " قال : فعفا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وصبر . ونهى عن المثل .
قال ابن هشام : ولما وقف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على حمزة قال : لن أصاب بمثلك أبدا ما وقفت موقفا قط أغيظ إلى من هذا ثم قال : جاءني جبريل عليه السلام فأخبر

الصفحة 75