كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 80 """"""
قتله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بيده كما تقدم . ومن عامر بن لؤى رجلان ، وهما : عبيدة بن جابر وشيبة بن مالك بن المضرب ، قتلهما قزمان ، ويقال : قتل عبيدة بن جابر عبد الله بن مسعود .
قال محمد بن سعد في طبقاته : ثم انصرف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يومئذ من أحد ، فصلى العري في المدينة ، وشمت عبد الله بن أبى بن سلول والمنافقون بما نيل من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في نفسه وأصحابه ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : لن ينالو منا مثل هذا اليوم حتى نستلم الركن . قال : وبكت الأنصار على قتلاهم ، فسمع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) البكاء فبكى ، قال : لكن حمزة لا بواكى له ، فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلى دار بنى عبد الأشهل أمر انساءهم أن يتحزمن ، ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فلما سمع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بكاءهن على حمزة خرج عليهن وهن على باب مسجده يبكين ، فقال : ارجعن يرحمكن الله ، فقد آسيتن بأنفسكن ونهى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يومئذ عن النوح .
وروى عن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه ، قال : مر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بامرأة من بنى دينار ، وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بأحد ، فلما نعوا لها قالت : ما فعل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قالوا : خيرا يا أم فلان ، هو بحمد الله كما تحبين ؛ قالت : أرونيه حتى أنظر إليه ؛ قال : فأشر لها إليه ( صلى الله عليه وسلم ) ، حتى إذا رأته قالت : كل مصيبة بعدك جلل ؛ رضى الله عنها .
ولما قدم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) المدينة كانت فاطمة - رضى الله عنها - تغسل جرحه ؛ وعلي يسكب الماء عليها بالمجن ، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة ، عمدت إلى قطعة من حصير فأحرقتها ، وألصقت ذلك على الجرح فاستمسك الدم ، ولم يبت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالمدينة إلا تلك الليلة ، ثم أصبح فخرج في طلب العدو إلى حمراء الأسد ، على ما نذكره إن شاء الله .
ولنصل غزوة أحد بتفسير ما نزل الله تعالى فيها من القرآن .
ذكر ما أنزل من القرآن في غزوة أحد ، وما ورد في تفسير ذلك
قال محمد بن إسحاق ، رحمه الله : وكان مما أنزل الله تعالى في غزوة أحد من القرآن ستون آية من سورة آل عمران ، أول ذلك قوله تعالى : " وإذ غدوت من أهلك

الصفحة 80