كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 81 """"""
تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم . " قال أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبى النسابورى - رحمه الله - في تفسير المترجم بالكشف والبيان عن تفسير القرآن : إن المشركين أقاموا بأحد يوم الأربعا والخميس والجمعة ، وذكر نحو ما قدمناه من خروج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ليلة السبت للنصف من شوال ، وأنه ( صلى الله عليه وسلم ) جعل يصف أصحابه للقتال كما يقوم القدح ، إذا رأى صدرا خارجا قال : تأخر ، فذلك قوله تعالى : " وإذ غدوت من أهلك " الآية ، وقوله تعالى : " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون " تفشلا ، أى تجبنا وتضعفا وتتخلفا عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهما بنو سلمة بن الخزرج ، وبنو حارثة بن الأوس ، وكانا جناحى العسكر ، وذلك أن عبد الله بن أبى بن سلول لما انخزل بثلث الناس كما قدمنا وقال هو ومن وافقه من أصحابه : " لو نعلم قتالا لاتبعناكم ؛ هم بنو سلمة وبنو حارثة بالانصراف معه ، فعصمهم الله تعالى فلم ينصرفوا ، ومضوا مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فذكرهم الله تعالى عظيم نعمته ، فقال : والله وليهما أي ناصرهما وحافظهما " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " ثم ذكرهم الله منته عليهم إذ نصرهم ببدر ، فقال : " ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة " إلى قوله : " وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم " قوله : " ليقطع طرفا من الذين كفروا أو بكبتهم فينقلبوا خائبين " . ليقطع طرفا أي يهلك طائفة أو يكبتهم أي يهزمهم فينقلبوا خائبين أي لم ينالوا شيئا مما كانوا يرجون من الظفر بكم .
قوله تعالى : " ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون " .
اختلف العلماء في سبب نزول هذه الآية ، فقال عبد الله بن مسعود : أراد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يدعو على المنهزمين عنه من أصحابه يوم أحد ، وكان عثمان بن عفان منهم ، فنهاه الله تعالى عن ذلك ، وتاب عليهم ، وأنزل هذه الآية . وقال عكرمة ،

الصفحة 81