كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 82 """"""
وقتادة ، ومقسم : أدمى رجل من هذيل يقال له : عبد الله ابن قمئة وجه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يوم أحد ، فدعا عليه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فكان حتفه أن سلط الله عليه تيسا فنطحه حتى قتله ، وشج عتبة بن أبى وقاص رأسه وكسر رباعيته ( صلى الله عليه وسلم ) ، فدعا عليه وقال : اللهم لايحل عليه الحول حتى يموت كافرا قال : فما حال الحول حتى مات كافرا فأنزل الله تعالى عليه هذه الآية . وقال الربيع والكلبى : نزلت هذه الآية على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يوم أحد ، وقد شج في وجهه وأصيبت رباعيته ، فهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يلعن المشركين ويدعو عليهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، لعلمه فيهم أن كثيرا منهم سيؤمنون .
قوله تعالى : قد خلت من قبلكم سنن قيل : أمثال . وقيل : أمم .
والسنة الأمة ، قال الشاعر :
ما عاين الناس من فضل كفضلهم . . . ولا رأوا مثلهم في سالف السنن
وقيل : أهل سنن ؛ وقيل : أهل شرائع ؛ قال : معنى الآية : قد مضت وسلفت منى فيمن قبلكم من الأمم الماضية المكذبة الكافرة سنن بإمهالى واستدراجى إياهم حتى بلغ الكتاب فيهم أجلى الذى أجلت - لإدالة أنبيائى - وأهلكتهم .
فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين أى منهم ، فأنا أمهلهم وأستدرجهم حتى يبلغ الكتاب أجلى الذى أجلت في نصرة النبى وأوليائه وهلاك أعدائه .
قوله تعالى : ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين قال : هذه الآية تعزية من الله تعالى لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) وللمؤمنين على ما أصابهم من القتل والجرح يوم أحد ، وحث منه إياهم على قتال عدوهم ، ونهى عن العجز والفشل ، فقال تعالى : " ولا تهنوا " أي لا تضعفوا ولا تجبنوا من جهاد أعدائكم بما نالكم يوم أحد من القتل والقرح . " ولا تحزنوا " على ظهور أعدائكم ولا على أصابكم من الهزيمة والمصيبة " وأنتم الأعلون " أي لكم تكون العاقبة بالنصر والظفر " إن كنتم مؤمنين " . قوله تعالى : إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله أي جرح يوم أحد فقد مس القوم جرح مثله يوم بدر . وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين يعنى إنما كانت هذه المداولة ليرى الله الذين آمنوا - يعنى منكم - ممن نافق ، فيميز بعضهم من بعض .

الصفحة 82