كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 83 """"""
وقيل : المعنى " وليعلم الله الذين آمنوا " بأفعالهم موجود كما علمها منهم قبل أن كلفهم .
ويتخذون منكم شهداء يكرم أقواما بالشهادة ، وذلك أن المسلمين قالوا : أرنا يوما كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونلتمس الشهادة . فلقوا المشركين يوم أحد ، فاتخذ الله منهم شهداء .
قوله تعالى : وليمحص الله الذين امنوا ويمحق الكفرين يعنى يطهر الذين آمنوا من ذنوبهم ويمحق الكافرين يفنيهم ويهلكهم وينقصهم . ثم عزاهم الله تعالى فقال : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جهدوا منكم ويعلم الصابرين .
قوله تعالى : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل آنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين وذلك أنه لما قتل عبد الله بن قمئة مصعب بن عمير ، وصرخ صارخ - يقال : هو إبليس ، لعنه الله - ألا إن محمدا قد قتل . وانهزم الناس ، فقال بعض المسلمين : ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبى فيأخذ لنا أمانا من أبى سفيان . وجلس بعض الصحابة وألقوا بأيديهم . وقال أناس من أهل النفاق : إن كان محمد قد قتل فالحقوا بدينكم الأول . فقال أنس بن النضر : يا قوم ، إن كان قتل محمد فإن رب محمد لم يقتل ، وما تصنعون بالحياة بعد رسول الله ؟ فقاتلوا على ما قاتل عليه ، وموتوا على ما مات عليه ؛ ثم قال : اللهم إنى أعتذر إليك مما قال هؤلاء - يعنى المسلمين - وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء - يعنى المنافقين حتى قتل . ثم إن رسول الله - ( صلى الله عليه وسلم ) - انطلق إلى الصخرة ، وهو يدعو الناس ، فانحدر إليه طائفة من أصحابه ، فلامهم ( صلى الله عليه وسلم ) على الفرار ، فقالوا : يا بنى الله ، فديناك بآبائنا وأمهاتنا أتانا الخبر بأنك قتلت فرعبت قلوبنا فولينا مدبرين . فأنزل الله تعالى : " ومامحمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات " أي على فراشه " أو قتل أنقلبتم على أعقابكم أي رجعتم إلى دينكم الأول الكفر ومن ينقلب على عقبيه فيرتد عن دينه فلن يضر الله شيئا بارتداده ، وإنما يضر نفسه وسيجزى الله الشاكرين أي المؤمنين .
قوله تعالى : " وكأين من بنى قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما آستكانوا والله يحب الصابرين قيل : الربيون الألوف والربة الواحدة عشرة آلاف . وقيل : الربيون العلماء والفقهاء . وقيل : الأتباع وقيل :

الصفحة 83