كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 86 """"""
غيره : غما على غم . وقيل : غما متصلا بغم ، فالغم الأول ما فاتهم من الغيمة والظفر ، والغم الثانى مانالهم من القتل والهزيمة . وقيل : الغم الأول ما أصابهم من القتل والجراح ، والغم الثاني ما سمعوا أن محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) قد قتل ، فأنساهم الغم الأول . وقيل : غير هذه الأقوال . والله أعلم . قوله تعالى : لكيلا تحزنوا على ما فاتكم أي من الفتح والغنيمة ولا ما أصابكم من القتل والهزيمة ؛ هذا أنساكم ذلك الغم ، وهمكم ما أنتم فيه عما كان قد أصابكم قبل . وقال المفضل : لا صلة . معناه : لكى تحزنوا على مافاتكم وما أصابكم عقوبة لكم في خلافكم إياه ، وترككم المركز والله خبير بما تعملون .
قوله : " ثم أنزل عليكم من بعد آلغم أمنة نعاسا يغشى طائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شئ قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شئ ما قتلنا ههنا قل لو كنتم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلى الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور " . روى عن عبد الله بن الزبير عن أبيه ، رضى الله عنهما ، قال : لقد رأيتنى مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حين اشتد الخوف علينا أرسل الله تعالى علينا النوم ، والله إني لأسمع قول معتب بن قشير والنعاس يغشانى ما أسمه إلا كالحلم يقول : لو كان لنا من الأمر شئ ما قتلنا هاهنا ، فأنزل الله عز وجل الآية . وقال عبد الله ابن عباس رضى الله عنهما . أمنهم يومئذ بنعاس يغشاهم بعد خوف ، وإنما ينبعس من يأمن والخائف لا ينام . وعن أنس عن أبى طلحة قال : رفعت رأسي يوم أحد ما أرى أحدا من القوم إلا وهو يميد تحت حجفيه من النعاس . قال أبو طلحة : وكنت ممن ألقى الله تعالى عليه النعاس يومئذ ، فكان السيف يسقط من يدى فآخذه ، ثم يسقط السوط من يدي فآخذه من النوم . وطائفة يعنى المنافقين معتب بن قشير وأصحابه قد أهمتهم