كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 87 """"""
أنفسهم أي حملتهم على الهم يظنون بالله غير الحق أي لا ينصر محمدا ، وقيل : ظنوا أن محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) قد قتل . ظن الجاهلية أي كظن أهل الجاهلية والشرك يقولون هل لنا أي ما لنا ، لفظه استفهام ومعناه جحد من الأمر من شئ يعنى التصرف قل إن الأمر كله لله وذلك أن المنافقين قال بعضهم لبعض : لو كانت لنا عقول لم نخرج مع محمد إلى قتال أهل مكة ، ولم يقتل رؤساؤنا . فذلك قوله تعالى : يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شئ ما قتلنا هاهنا فقال الله تعالى لنبيه - ( صلى الله عليه وسلم ) - قل لهم : " لو كنتم في بيوتكم لبرز " أي لخرج " الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم " أي مصارعهم وليبتلى الله أي ليختبر الله ما في صدوركم وليمحص أي يخرج ويظهر ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور أي بما في القلوب من خير أو شر .
قوله تعالى : إن الذين تولوا منكم أي انهزموا منكم يا معشر المؤمنين يوم آلتقى الجمعان جميع المسلمين وجمع المشركين إنما آستزلهم الشيطان أي حملهم على الزلل . وقال الكلبى : زين لهم أعمالهم ببعض ما كسبوا أي بشؤم ذنوبهم . قال المفسرون : بتركهم المركز . وقال الحسن : بما كسبوا قبولهم من إبليس ما وسوس إليهم من الهزيمة . ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم .
قوله تعالى : " يأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا " يعنى المنافقين عبد الله بن أبى وأصحابه وقالوا لإخوانهم في النفاق ، وقيل : في النسب .
" إذا ضربوا في الأرض " ساروا وسافروا فيها للتجار أو غيرها فماتوا أو كانوا غزا إزاة فقتلوا لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك يعنى قولهم وظنهم حسرة وحزنا في قلوبهم والحسرة : الاغتمام على فائت كان يقدر بلوغه .
قال الشاعر :
فوا حسرتى لم أقض منك لبانتى . . . ولم نتمتع بالجوار وبالقرب
ثم أخبر تعالى أن الموت والحياة إلى الله ، سبحانه ، لا يتقدمان لسفر ولا يتأخران لحضر فقال عز وجل : " والله يحيى ويميت والله بما تعملون بصير . " قوله تعالى : " ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله " أي في العاقبة " ورحمه خير مما يجمعون " أي من الغنائم " ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون " أي في العاقبة . قوله تعالى : " فبما رحمة من الله لنت لهم " أي سهلت لهم أخلافك ، وكثرة احتمالك فلم تسرع إليهم فيما كان منهم يوم أحد " ولو كنت فظا " أي جافيا سيء الخلق قليل الاحتمال . غليظ القلب قال الكلبى : فظا في القول ، غليظ القلب في