كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 89 """"""
القتل ، إن الله على كل شيء قدير .
قوله تعالى : " وما أصابكم يوم آلتقى الجمعان " أي بأحد من القتل والجرح والهزيمة والمصيبة فبإذن الله أي بقضائه وقدره وعلمه وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا أي ليميز ، وقيل : ليرى . وقيل : لتعلموا أنتم أن الله قد علم نفاقهم ، وأنتم لم تكونوا تعلمون ذلك . وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أي لأجل دين الله وطاعته أو آدفعوا أي عن أهلكم وبلدكم وحريمكم ، وقيل : أي كثروا سواد المسلمين وربطوا إن لم تقاتلوا ، ليكون ذلك دفعا وقمعا للعدو قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم وهو قول عبد الله بن أبى وأصحابه الذين آنصرفوا معه ، كما تقدم من خبرهم عند آتباع عبد الله بن عمرو بن حرام أخو بنى سلمة لهم ومناشدته لهم في الرجوع . قال الله تعالى : " هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم " وذلك أنهم كانوا يظنون الإيمان ويضمرون الكفر ، فبين الله تعالى نفاقهم " والله أعلم بما يكتمون . " قوله تعالى : " الذين قالوا لإخوانكم " قيل : في النسب لا في الدين ، وهم شهداء أحد . وقعدوا يعنى وفعد هؤلاء القائلون عن الجهاد لو أطاعونا وآنصرفوا عن محمد ، وقعدوا في بيوتهم ما قتلوا قال تعالى : قل لهم يا محمد فادرءوا أي فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين أن الحذر يغنى عن القدر . قوله تعالى : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون . فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون . يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين " روى عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما ، قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : لما أصيب إخوانكم يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طيور خضر ، ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها ، وتسرح من الجنة حيث شاءت ، وتأوى إلى قناديل من ذهب تخت العرش ، فلما رأوا طيب مقيلهم ومطعمهم ومشربهم ، ورأوا ما أعد الله لهم من الكرامة ، قالوا : ياليت قومنا يعلمون ما نحن فيه من النعيم ، وما صنع الله عز وجل بنا ، كى يرغبوا في الجهاد ولا ينكلوا عنه . فقال عز وجل : أنا مخبر عنكم ومبلغ إخوانكم . ففرحوا بذلك وآستبشروا ، فأنزل الله تعالى : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله " الآيات ، إلى قوله أجر المؤمنين .
وقال قتادة والربيع : ذكر لنا أن رجالا من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، قالوا : ياليتنا