كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 9 """"""
فلما رآهم القوم هابوهم ؛ وكان عكاشة حلق ليطمئن القوم ؛ فأمنوا . وقال لهم عثمان : لابأس عليكم منهم . قال : فسرحوا ركابهم ، وصنعوا طعاما . قال : فتشاور القوم فيهم ، وذلك آخر يوم من شهر رجب ، فقالوا : والله لئن تركتموهم في هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم به ، وان قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام . فتردد القوم وهانوا الاقدام عليهم ، ثم شجعوا أنفسهم وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ مامعهم ؛ فخرج واقد بن عبد الله يقدم المسلمين ، فرمى عمرو بن الحضرمى بسهم فقتله ، وآستأسر عثمان بن عبد الله ، والحكم بن كهسان ، وأفلت نوفل بن عبد الله فأعجزهم . وأقبل عبد الله وأصحابه بالعير والأسيرين حتى قدموا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . فلما قدموا عليه قال : ماأمرتكم بقتال في الشهر الحرام . ووقف الغير والأسيرين ، وأبى أن من ذلك شيئا ؛ فأسقط في يد القوم ، وظنوا أنهم قد هلكوا ، وعنفهم المسلمون فيما صنعوا . وقالت قريش : قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام ، وسفكوا فيه الدم ، وأخذوا فيه الأموال ، وأسروا الرجال ؛ وأكثر الناس في ذلك ، فأنزل الله تعالى : يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ، قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام واخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل أي إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام فقد صدوكم عن سبيل الله وعن المسجد الحرام ، وإخراجكم منه وأنتم أهله أكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم . والفتنة أكبر من القتل ؛ أي قد كانوا يفتنون المسلمين في دينهم حتى يردوهم إلى الكفر بعد إيمانهم ، فذاك أكبر عند الله من القتل قال : فلما نزلت الآيات قبض رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) العير ولأسيرين ، وبعثت إليه قريش في فدائهما ، فقال : لا . حتى يقدم صاحبانا ، يعنى سعد ابن أبى وقاص ، وعتبة بن غزوان ، فانا نخشاكم عليهما ، فان تقتلوهما نقتل صاحبيكم . فقدم سعد وعتبة ، فأفداهما رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . فأما الحكم بن كيسان فأسلم وحسن إسلامه ، وأقام عند رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتى قتل

الصفحة 9