كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 90 """"""
نعلم ما فعل إخواننا الذين قتلوا بأحد ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وعن مسروق قال : سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآية ، فقال : جعل الله تعالى أرواح شهداء أحد في أجواف طير خضر ، تسرح في الجنة حيث شاءت ، وتأوى إلى قناديل معلقة بالعرش ، فاطلع الله عز وجل إليهم اطلاعة فقال : هل تشتهون شيئا فأزيد كموه ؟ قالوا : ربنا ، ألسنا نسرح في الجنة في أيها شئنا ؛ ثم اطلع إليهم الثانية ، فقال : هل تشتهون من شئ فأزيدكموه ؟ فقالوا : ربنا ، ألسنا نسرح في الجنة في أيها شئنا ؛ ثم آطلع إليهم الثالثة ، فقال : هل تشتهون من شئ فأزيدكموه ؟ فقالوا : ليس فوق ما أعطيتنا شئ إلا أنا نحب أن تعيدنا أحياء ، ونرجع إلى الدنيا فنقاتل في سبيلك ، فنقتل مرة أخرى فيك ، قال : لا ؛ قالوا : فتقرئ نبينا منا السلام ، وتخبره بأن قد رضينا ، ورضى عنا ؛ فأنزل الله ، عز وجل هذه الآية .
وعن جابر بن عبد الأنصارى قال : قتل أبى يوم أحد ، وترك علي بنات ، فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ألا أبشرك يا جابر ؟ قلت : بلى يا رسول الله ؛ قال : إن أباك حيث أصيب بأحد أحياه الله تعالى وكلمه كفاحا ؛ فقال : يا عبد الله سلنى ما شئت ؛ فقال : أسألك أن تعيدنى إلى الدنيا فأقتل فيك ثانيا ؛ فقال : يا عبد الله ، إني قضيت ألا أعيد إلى الدنيا خليقة قبضتها ؛ قال : يارب ، فمن يبلغ قومى ما أنا فيه من الكرامة ؟ قال الله تعالى : أنا ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وقد روى أن هذه الآية نزلت في أصحاب بئر معونة ؛ وقيل : في شهداء بدر .
والأحاديث الواردة والأخبار تدل على أنها في شهداء أحد ، والله أعلم .