كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 91 """"""
ذكر غزوة حمراء الأسد
غزاها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عند منصرفه من أحد ، قال ابن سعد : لثمان خلون من شوال على رأس آثنين وثلاثين شهرا من مهاجره . وقال آبن إسحاق : كانت يوم الأحد لست عشرة خلت من شوال . وهذا الخلاف مرتب على ما تقدم في عزوة أحد . قال ابن سعد وغيره : لما آنصرف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من أحد مساء يوم السبت بات تلك الليلة على بابه ناس من وجوه الأنصار ، وبات المسلمون يداوون جراحهم ، فلما صلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الصبح يوم الأحد أمر بلالا أن ينادى أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يأمركم بطلب عدوكم ، ولا يخرج معنا إلا من شهد القتال بالأمس . فقال جابر بن عبد الله : إن أبى خلفنى يوم أحد على أخوات لي ، فلم أشهد الحرب ، فأذن لي أسير معك ؛ فأذن له ، فلم يخرج معه أحد ممن لم يشهد أحدا غيره . ودعا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بلوائه ، وهو معقود لم يحل ، فدفعه إلى علي بن أبى طالب ، رضى الله عنه ، ويقال : إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه . وخرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهو مجروح ، وحشد أهل العوالى حيث أتاهم الصريخ ، فركب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فرسه وخرج الناس معه ، فبعث ثلاثة نفر من أسلم طليعة في آثار القوم ، فلحق آثنان منهم القوم بحمراء الأسد - وهي من المدينة على عشرة أميال - وهم يأتمرون بالرجوع ، وصفوان بن أمية ينهاهم عن ذلك ، فبصروا بالرجلين ، فقطعوا عليهما فقتلوهما ، ومضى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بأصحابه حتى عسكر بحمراء الأسد ، فدفن الرجلين في قبر واحد ، وكان المسلمون يوقدون تلك الليالي خمسمائة نار ، وذهب صوت معسكرهم ونيرانهم في كل وجه ، فكبت الله تعالى عدوهم ، وانصرف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، إلى المدينة فدخلها يوم الجمعة ، وقد غاب خمس ليال ، وكان قد استخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم .
وقال محمد بن إسحاق ، ورفع الحديث إلى أبى السائب مولى عائشة بنت عثمان : إن رجلا من بنى عبد الأشهل قال : شهدت أحدا مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، أنا وأخ

الصفحة 91