كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 93 """"""
وقال محمد بن إسحاق : حدثنى محمد بن جعفر بن الزبير ، قال قال عبد الله ابن أنيس : دعانى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : إنه قد بلغنى أن ابن سفيان الهذلى جمع الناس ليغزونى وهو بنخلة أو بعرنة فأنه فاقتله . فقلت يا رسول الله انعته لي حتى أعرفه ؛ قال : إنك إذا رأيته أذكرك الشيطان ، وآية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته وجدت له قشعريرة . قال : فخرجت متوحشا بسيفي ، حتى دفعت إليه وهو في ظعن يرتاد لهن منزلا ، وذلك وقت العصر ، فلما رأيته وجدت له ما قال رسول الله ، ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأقبلت نحوه ، وخشيت أن يكون بينى وبينه مجاولة تشغلنى عن الصلاة ، فصليت وأنا أمشى نحوه ، أومى برأس ، فلما انتهيت إليه ، قال : من الرجل ؟ قلت : رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لذلك . قال : أجل ، أنا في ذلك . قال : فمشيت معه شيئا حتى إذا أمكننى حملت عليه بالسيف فقتلته ، ثم خرجت وتركت ظعائنه منكبات عليه ، فلما قدمت على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال : أفلح الوجه ؛ قلت : قد قتلته ؛ قال صدقت .
ثم قام بى فأدخلنى بيته فأعطانى عصا ، فقال : أمسك هذه العصا عندك . قال : فخرجت بها على الناس ، فقالوا : ماهذه ؟ قلت : أعطانيها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأمرنى أن أمسكها عندى ؛ فقالوا : أفلا ترجع إليه فتسأله لم ذلك ؟ قال : فرجعت إليه فقلت : يا رسول الله ، لم أعطيتنى هذه العصا ؟ قال : آية بينى وبينك يوم القيامة ، إن أقل الناس المتخضرون يومئذ ، قال : فقرنها عبد الله ابن أنيس بسيفه ، فلم تزل معه حتى مات ، ثم أمر بها فضمت في كفنه ، ثم دفنا جميعا .
قال ابن هشام : وقال عبد الله بن أنيس في ذلك :
تركت ابن ثور كالحوار وحوله . . . نوائح تفرى كل جيب مقدد
تناولته والظعن خلفى وخلفه . . . بأبيض من ماء الحديد مهند
عجوم لهام الدار عين كأنه . . . شهاب غضى من ملهب متوقد
أقول له والسيف يعجم رأسه . . . أنا ابن أنيس فارساغير قعدد

الصفحة 93