كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 95 """"""
عليهم بنى عامر فأبوا ، وقالوا : لانخفر جوار أبى براء ، فاستصرخ عليهم قبائل من بنى سليم ، عصية ورعلا وذكوان ، فنفروا معه . وأستطأ المسلمون حراما ، فأقبلوا في أثره ، فلقيهم القوم فأحاطوا بهن ، وكاثروهم فاقتتلوا ، فقتل أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وفيهم سليم بن ملحان ، والحكم بن كيسان . قال ابن إسحاق : فقتلوا من عند آخرهم إلا كعب بن زيد أخا بنى دينار بن النجار فإنهم تركوه ، وبه رمق بين القتلى ، فعاش حتى قتل يوم الخندق . قال : وكان في سرح القوم عمرو بن أمية الضمرى ، ورجل من الأنصار - قال ابن هشام : هو المنذر بن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح - فلم ينبئهما بمصاب أصحابهما إلا الطير تحوم على العسكر ، فقالا : والله إن لهذه الطير لشأنا ؛ فأقبلا لينظرا ، فإذا القوم في دمائهم ، والخيل التي أصابتهم واقفة . فقال الأنصارى لعمرو بن أمية : ماترى ؟ قال : أرى أن نلحق برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فنخبره الخبر ؛ قال الأنصاري : ماكنت لأرغب بنفسى عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو ؛ ثم قاتل القوم حتى قتل ، وأخذ عمرو بن أمية أسيرا ، فلما أخبرهم أنه من مضر أطلقه عامر بن الطفيل ، وجزنا ناصيته ، وأعتقه عن رقبة زعم أنها كانت على أمه .
فخرج عمرو بن أمية حتى إذا كان بالقرقرة من صدر قناة أقبل رجلان من بنى عامر حتى نزلا معه ، وكان معهما عقد من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وجوار لم يعلم به عمرو ، فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما ، وهو يرى أنه قد أصاب بهما بؤرة من بنى عامر فيما أصابوا من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .
قال محمد بن سعد : وقدم عمرو بن أمية على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأخبره بقتل أصحاب بئر معونة ، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : أبت من بينهم ثم أخبره بقتل العامريين ، فقال : بئس ما صنعت ، قد كان لهما منى أمان وجوار ، لأدينهما وبعث بديتهما إلى قومهما ، وقنت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) شهرا في صلاة الصبح يدعو على رعل وذكوان وعصية وبنى لحيان .