كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 96 """"""
وروى عن أنس بن مالك ، رضى الله عنه ، قال : بهم قرأنا بهم قرآنا زمانا ، ثم إن ذلك رفع أو نسى : بلغوا عنا قومنا أنا لقبنا ربنا فرضى عنا وأوضانا . وقال أنس آبن مالك : ما رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وجد على أحد ما وجد على أصحاب بئر معونة .
قال آبن سعد : وجاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، في تلك الليلة التي وصل إليه فيها خبر أصحاب بئر معونة مصاب خبيب بن عدى ومن معه ، فدعا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على قتلتهم بعد الركعة من الصبح ، فقال : اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهم سنين كسني يوسف ، اللهم عليك ببنى لحيان وعضل والقارة وزعب ورعل وذكوان وعصية ، فإنهم عصوا الله ورسوله .
ذكر سرية مرثد بن أبى مرثد الغنوى إلى الرجيع
كانت في صفر على رأس ستة وثلاثين شهرا من هجرة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وذلك أنه قدم على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، رهط من عضل والقارة ، وهم إلى الهون بن خزيمة ، فقالوا : يا رسول الله ، إن فينا إسلاما ، فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهونا ويقرئونا القرآن ، ويعلمونا شرائع الإسلام . فبعث ( صلى الله عليه وسلم ) معهم عاصم بن ثابت بن أبى الأقلح ، ومرثد بن أبى مرثد الغنوى ، وخبيب بن عدى ؛ وزيد بن الدثنة ، وخالد بن البكير الليثى ، وعبد الله بن طارق ، ومعتب بن عبيد الله لأمه . وأمر عليهم عاصما ، وقيل : مرثدا ؛ فخرجوا مع القوم حتى إذا كانوا على الرجيع - وهو ماء لهذيل بناحية الحجاز - غدروا بهم واستصرخوا عليهم هذيلا ، فلم يرع القوم ، وهم في رحالهم إلا الرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم ، فأخذوا أسيافهم ليقاتلوا ، فقالوا : إنا ما نريد قتلكم ، ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئا من أهل مكة ، ولكم عهد الله وميثاقه إلا نقتلكم . فأما مرثد بن أبى مرثد ، وخالد بن البكير ، وعاصم بن ثابت ، ومعتب بن عبيد ؛ فقالوا : والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا . وقاتلوا حتى قتلوا ، رضى الله عنهم . وأما زيد بن الدثنة وخبيب بن عدى ، وعبد الله بن طارق ، فرغبوا في الحياة ، فأعطوا بأيديهم فأسرواهم ، ثم خرجوا بهم إلى مكة ليبيعوهم بها ، حتى إذا كانوا بمر الظهران انتزع عبد الله بن طارق يده من القران ، ثم أخذ سيفه واستأخر عنه القوم ،

الصفحة 96