كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 99 """"""
ذكرغزوة بنى النضير
غزاهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في شهر ربيع الأول ، سنة أربع ، على رأس سبعة وثلاثين شهرا من مهاجره .
وكان سبب هذه الغزوة على ما حكاه محمد بن سعد ، ومحمد بن إسحاق ، وعبد الملك بن هشام ، دخل حديث بعضهم في بعض ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، خرج إلى بنى النضير يستعينهم في دية الكلابيين أو العامر بين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمرى ، فقالوا : نعم يا أبا القاسم ، نعينك بما أحببت . وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، قد جلس إلى جنب جدار من بيوتهم ، وهو في نفر من أصحابه ، فيهم أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، رضوان الله عليهم ، فخلا بعض بنى النضير إلى بعض ، فقالوا : إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه ، فمن رجل يعلوا هذا البيت ، فيلقى عليه صخرة فيريحنا منه ؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش أبن كعب ، أحدهم ، فقال : أنا لذلك ؛ فقال سلام بن مشكم : لاتفعلوا ، والله ليخبرن بما هممتم به ، وإنه لنقض للعهد الذي بيننا وبينه . وجاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الخبر من السماء بما أراد القوم ، فنهض مسرعا كأنه يريد الحاجة فتوجه إلى المدينة ، فلما أبطأ على أصحابه قاموا في طلبه ، فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : رأيته قد دخل المدينة . فأقبل أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتى أتوه ، فقالوا : يا رسول الله ، قمت ولم نشعر .
قال : همت يهود بالغدر فأخبرنى الله بذلك فقمت . ثم بعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إليهم محمد بن مسلمة : أن اخرجوا من بلدى فلا تساكنونى بها ، وقد هممتم بما هممتم به من الغدر ، وقد أجلتكم عشرا أي من الأيام فمن رئى بعد ذلك ضربت عنقه . فمكثوا أياما يتجهزون ، وأرسلوا إلى ظهر لهم بذي الجدر وتكاروا إبلا من ناس من أشجع ، فأرسل إليهم عبد الله بن أبى : أن أقيموا في حصونكم ، ولا تخرجوا من دياركم ، فإن معى ألفين من قومى وغيرهم من العرب يدخلون معكم حصنكم فيموتون من عند آخرهم ، وتمدكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان . ووافقه على ذلك وديعة بن مالك بن أبى قوقل ، وسويد وداعس ، وقالوا لهم : إن نصرناكم ، وإن أخرجتم خرجنا معكم ، فطمع حي بن أخطب فيما قال آبن أبى ، فأرسل إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : إنا لا نخرج من ديارنا فاصنع ما بدا لك . فكبر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فكبر المسلمون لتكبيره ، وقال : حاربت يهود . واستخلف على المدينة