كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 101 """"""
الصنم ، ثم قصدت المدينة فأتيتها ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يخطب ، فجلست بإزاء منبره فعقب خطبته بأن قال : " بإزاء منبري رجلٌ من سعد العشيرة ، قدم علينا راغباً في الإسلام ، لم يرني ولم أره إلا ساعتي هذه ، ولم أكلمه ولم يكلمني قط ، وسيخبركم خبرا عجيبا " ونزل فصلى ، ثم قال : " أدن يا أخا سعد العشيرة " فدنوت فقال : " أخبرنا عن حياض وفراض وما رأيت وما سمعت " قال : فقمت على قدمي وقصصت القصة ، والمسلمون يسمعون ، فسر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، ودعاني إلى الإسلام ، وتلا علىّ القرآن فأسلمت ، وقلت في ذلك :
تبعت رسول الله إذ جاء بالهدى . . . وخلفت فراضاً بدار هوان
شددت عليه شدةً فتركته . . . كأن لم يكن والدهر ذو حدثان
رأيت له كلباً يقوم بأمره . . . فهدد بالتنكيل والرجفان
ولما رأيت الله أظهر دينه . . . أجبت رسول الله حين دعاني
وأصبحت للإسلام ما عشت ناصراً . . . وألقيت فيه كلكلي وجراني
فمن مبلغٌ سعد العشيرة أنني . . . شريت الذي يبقى بما هو فاني
وقد تقدم في خبر وفد سعد العشيرة ذكر هذه الأبيات ، وأنه لذبابٍ ، وأنه الذي كسر الصنم ، إلا أنه لم يذكر البيت الذي فيه ذكر الكلب ، والله تعالى أعلم . ومنه ما روى أن ربيعة بن أبي براءٍ ، قال أخبرني خالي فقال : لما أظهر الله علينا رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) بحنين انشعبنا في كل مشعب ، لا يلوى حميم على حميم ، فبينا أنا في بعض الشعاب ، رأيت ثعلبا قد تحوي عليه أرقم ، والثعلب يعدو عدوا شديدا ، فانتحيت له بحجر فما أخطأه ، وانتهيت إليه ، فإذا الثعلب قد سبقني بنفسه - اي هلك قبل أن أصل إليه - وإذا الأرقم قد تقطع وهو يضطرب ، فقمت لأنظر إليه ، فهتف هاتفٌ ما سمعت أفظع من صوته يقول : تعساً لك وبؤسا ، فقد قتلت رئيسا ، وورثت بئيسا ، ثم قال : يا داثر يا داثر ، فأجابه مجيب من العدوة الأخرى بلبيك لبيك ، فقال : بادر بادر ، إلى بني العذافر ، وأخبرهم بما صنع الكافر ، فناديت : إني لم