كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 105 """"""
المدة التي كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش ، فأتوه وهم بإيليا ، فدعاهم في مجلسه ، وحوله عظماء الروم ، ثم دعاهم ودعا بترجمانه فقال : أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قال أبو سفيان : فقلت : أنا أقربهم نسباً ، قفال : أدنوه مني ، وقربوا أصحابه ، فاجعلوهم عند ظهره ، ثم قال لترجمانه : قل لهم أني سائل هذا عن هذا الرجل ، فإن كذبني فكذبوه ، فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علىّ كذباً لكذبت عنه . ثم كان أول ما سألني عنه أنه قال : كيف نسبه فيكم ؟ قلت : هو فينا ذو نسبٍ ، قال : فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله ؟ قلت : لا ، قال : فهل كان من آبائه من ملك ؟ قلت : لا ، قال : فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفائهم ؟ قلت بل ضعفاؤهم ، قال : أيزيدون أم ينقصون ؟ قلت : بل يزيدون ، قال : فهل يرتد أحد منهم سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ قلت : لا ، قال : فهل يغدر ؟ قلت : لا ، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعلٌ فيها ، قال : ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غيرهذه الكلمة ، قال : فهل قاتلتموه ؟ قلت : نعم ، قال : فكيف كان قتالكم إياه ؟ قلت : الحرب بيننا وبينه سجال ، ينال منا وننال منه ، قال : ماذا يأمركم ؟ قلت : يقول اعبدو الله وحده ، ولا تشركوا به شيئاً واتركوا ما يقول آباؤكم ، ويأمرنا بالصلاة ، والصدق ، والعفاف ، والصلة ، فقال لترجمانه : قل له : سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب ، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها ، وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول ، فذكرت أن لا ، فقلت : لو كان أحد قال هذا القول قبله ، لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله ، وسألتك هل كان من أبائه من ملك ، فذكرت أن لا ، قلت : فلو كان من آبائه من ملك ، قلت : رجل يطلب ملك أبيه ، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ، فذكرت أن لا ، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ، ويكذب على الله ، وسألتك أأشراف الناس اتبعوه لم ضعفاؤهم ، فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه ، وهم أتباع الرسل ، وسألتك أيزيدون أم ينقصون ، فذكرت أنهم يزيدون ، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم ، وسألتك أيرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ، فذكرت أن لا ، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب ، وسألتك هل يغدر ، فذكرت أن لا ، وكذلك الرسل لا تغدر ، وسألتك بم يأمركم ، فذكرت أنه يأمركم أن

الصفحة 105