كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 106 """"""
تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، وينهاكم عن عبادة الأوثان ، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف ، فإن كان ما يقول حقاً ، فسيملك موضع قدمي هاتين ، وقد كنت أعلم أنه خارجٌ ، لم أكن أظن أنه منكم ، فلو أنى أعلم أخلص إليه لتجشمت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه . ثم دعا بكتاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى ، فدفعه إلى هرقل فقرأه ، فإذا فيه " بسم الله الرحمن الرحيم " وذكره كما تقدم .
قال أبو سفيان : فلما قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب ، كثر عنده الصخب ، وارتفعت الأصوات ، وأخرجنا ، فقلت لأصحابي حين أخرجنا : لقد أمر أمر ابن أبي كبشة ، إنه ليخافه ملك بني الأصفر ، فما زلت موقناً أنه سيظهر حتى أدخل الله علىّ الإسلام . قال : وكان ابن الناطور صاحب إيليا وهرقل أسقفا على نصارى الشام يحدث أن هرقل حين قدم إيليا أصبح يوماً خبيث النفس ، فقال بعض بطارقته : قد استنكرنا هيئتك ، فقال ابن الناطور ، وكان هرقل حزاءً ، ينظر في النجوم ، قفال لهم حين سألوه : إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر ، فمن يختتن من هذه الأمة ؟ قالوا : ليس يختتن إلا اليهود ، فلا يهمنك شأنهم ، واكتب إلى مدائن ملكك فليقتلو من فيهم من اليهود ، فبينما هم على أمرهم ، إذ أتى هرقل برجل ، أرسل به ملك غسان ، يخبر عن خبر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فلما استخبره هرقل قال : اذهبوا فانظروا أمختتنٌ هو أم لا ، فنظروا إليه ، فحدثوه أنه مختتن ، وسأله عن العرب ، فقال : هم يختتنون ، فقال هرقل : هذا ملك هذه الأمة قد ظهر . ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية ، وكان نظيره في العلم ، وسار هرقل إلى حمص ، فلم يرم حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه ، يوافق رأي هرقل على خروج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأنه نبيٌ ، فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص ، ثم أمر بأبوابها فغلقت ، ثم اطلع فقال : يا

الصفحة 106