كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 113 """"""
وقال أبو محمد عبد المؤمن بن خلف : إنها ولدت لعتيق جارية تدعى هند ، ثم هلك عنها فخلف عليها أبو هالة فولدت له ابنا وبنتا . وقال ابن إسحق : ولدت هند بن أبي هالة ، وزينب بنت أبي هالة ، وولدت لعتيق عبد الله وجارية ، قال : ثم هلك فتزوجها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وقد قدمنا ذكر زواجه ( صلى الله عليه وسلم ) بها ، فلا حاجة إلى إعادته . وولدت لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) جميع أولاده ، إلا إبراهيم . وقال أبو عمر : لا ختلفون أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لم يتزوج في الجاهلية غير خديجة ، ولا تزوج عليها أحدا من نسائه حتى ماتت ، وهي أول من آمن بالله عز وجل ، وبرسوله ( صلى الله عليه وسلم ) على الإطلاق .
قال ابن إسحق رحمه الله : كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لا يسمع من المشركين شيئا يكرهه ، من ردٍّ عليه وتكذيب له إلا فرّج الله عنه بخديجة ، تثبّته وتصدّقه وتخفّف عنه وتهوّن عليه ما يقلى من قومه ، وقد تقدم من أخبارها في ابتداء الوحي وامتحانها الأمر ، وقولها لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : إن الذي يأتيه ملك ، وغير ذلك ما تقف عليه هناك ، مما يستدل به على أنها رضي الله عنها أوّل من آمن بالله تعالى وبرسوله ، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة المنتشرة ، بفضل خديجة رضي الله عنها ، فمن ذلك ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران فاطمة وخديجة وآسية امرأة فرعون " . وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة ، وما بي أن أكون أدركتها ، ولكن ذلك لكثرة ذكر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إياها ، وأن كان ليذبح الشاة فيتتبع بذلك صدائق خديجة يهديها لهن ، وعنها رضي الله عنها قالت : كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن عليها الثناء ، فذكرها يوماً من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت : هل كانت إلا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها ؟ فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ، ثم قال : " لا والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنت بي إذ كفر الناس ، وصدّقتني إذ كذّبني الناس ، وواستني في مالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله منها أولادا إذ حرمني أولاد النساء " قالت عائشة : فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبداً .

الصفحة 113