كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 115 """"""
قد أري عائشة في المنام في سرقة من حرير متوفى خديجة ، فقال : " إن يكن هذا من عند الله يمضه " فتزوجها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في شوال وابتنى بها في شوال ، فكانت تحب أن تدخل النساء من أهلها وأحبتها في شوال على أزواجهن ، وتقول : هل كانت في نسائه عنده أحظى مني ، وقد نكحني وابتنى بي في شوال .
قال أبو عمر : فكان مكثها مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تسع سنين ، روي عنها أنها قالت : تزوجني رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأنا بنت سبع سنين ، وبنى بي وأنا بنت تسع ، وقبض عني وأنا بنت ثماني عشرة .
قال أبو عمر : واستأذنت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في الكنية فقال لها : " اكتني بابنك عبد الله بن الزبير " يعني ابن أختها ، وكان مسروق إذا حدث عن عائشة يقول : حدثتني الصادقة ابنة الصديق ، البريئة المبرأة بكذا وكذا ، ذكره الشعبي عن مسروق ، وقال أبو الضحا عن مسروق : رأيت مشيخة أصحاب محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الأكابر يسألونها عن الفرائض . وقال عطاء بن أبي رباح : كانت عائشة أفقه الناس ، وأعلم الناس ، وأحسن الناس رأيا في العامة ، وقال هشام ابن عروة عن أبيه : ما رأيت أحداً أعلم بفقهٍ ولا بطب ولا بشعر من عائشة . وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه ، قال : ما رأيت أحدا أروى لشعر من عروة ، فقيل له : : ما أرواك يا أبا عبد الله قال : وما روايتي في رواية عائشة ، ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدت فيه شعرا . قال الزهري : لو جمع علم عائشة إلى جميع علم أزواج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وعلم جميع النساء ، لكان علم عائشة أفضل . وروى عن عمرو بن العاص قال : قلت : لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أي الناس أحب إليك ؟ قال : " عائشة " ، قلت : فمن الرجال ؟ قال : " أبوها " . ومن حديث أبي موسى الأشعري ، وأنس بن مالك عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " . ومن فضل عائشة أن الله عز وجل أنزل في براءهتها ما أنزل ، وقد ذكرنا ذلك في حديث الإفك ، في حوادث سنة خمسٍ من الهجرة ، وهو في الجزء الرابع عشر من كتابنا هذا ، من هذه النسخة . وورى عن مالك بن أنس رحمه الله أنه قال : من سب أبا بكر جلد ، ومن سب عائشة قتل ، فقيل له : لم ؟ قال : من رماها فقد خالف القرآن ، لأن الله تعالى يقول : " يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين " فمن عاد لمثله فقد كفر . وعن القاضي أبي بكر بن الطيب

الصفحة 115