كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 116 """"""
قال : إن الله تعالى إذا ذكر في القرآن ما نسبه إليه المشركون سبح نفسه لنفسه ، كقوله : " وقالو اتخذ الرحمن ولداً سبحانه " في أي كثر . وذكر تعالى ما نسبه المنافقون إلى عائشة فقال : " لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك " سبح نفسك في تنزيهها من السوء ، كما سبح نفسه في تنزيهه من السوء ، وفضائلها رضي الله عنها كثيرة مشهورة .
وسنذكر إن شاء الله تعالى ، عند ذكرنا لوفاة سيدنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ما خصها به ( صلى الله عليه وسلم ) ، في مرضه الذي مات فيه ، من تمريضه في بيتها ، وأنه مات ( صلى الله عليه وسلم ) في بيتها وفي نوبتها ، وبين سحرها ونحرها ، وآخر ما دخل فمه ريقها ، وناهيك بها فضيلة وخصوصية ، وكانت وفاة عائشة رضي الله عنها بالمدينة ، في سنة سبع وخمسين ، وقيل : في سنة ثمان وخمسين ، ليلة الثلاثاء ، لسبع عشر خلت من شهر رمضان ، وأمرت أن تدفن ليلا ، فدفنت بعد الوتر بالبقيع ، وصلى عليها أبو هريرة ، ونزل في قبرها خمسة : عبد الله ، وعروة ابنا الزبير ، والقاسم بن محمد ، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ، وعبد الله بن محمد بن أبي بكر ، والله أعلم .
وتزوج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بعد زواج عائشة :
حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها
وهي أخت عبد الله بن عمر لأبيه وأمه ، وأمها زينب بنت مظعون بن حبيب ابن وهب بن حذافة بن جمح ، وكانت حفصة من المهاجرات ، وكانت قبل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عند خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي ، وكان بدريا ، فلما مات عنها ، وتأيمت ، ذكرها عمر لأبي بكر وعرضها عليه ، فلم يرجع إليه أبو بكر كلمة ، فغضب من ذلك عمر ، ثم عرضها على عثمان حين ماتت رقية بنت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال عثمان : ما أريد أن أتزوج اليوم ، فانطلق عمر إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فشكا إليه عثمان ، وأخبره بعرضه حفصة عليه ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " يتزوج حفصة من هو خير من عثمان ، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة " ثم خطبها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى عمر فتزوجها ، فلقى أبو بكر الصديق عمر بن الخطاب فقال : لا تجد علىّ في نفسك ، فإن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كان ذكر حفصة ، فمل أكن لأفشي سر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ولو تركها

الصفحة 116