كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 123 """"""
كان أبوها سيد بني النضير ، وأمها برة بنت سموءل ، أخت رفاعة ، وكانت صفية عند سلام بن مشكم القرظي الشاعر ، ففارقها فخلف عليها كنانة بن الربيع ابن أبي الحقيق النضري الشاعر ، فقتل يوم خيبر ، ولم تلد لأحد منهما شيئاً ، فاصفاها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لنفسه فأعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها ، ولم تبلغ يومئذ سبع عشرة سنة . وحكى محمد بن إسحاق في مغازية ، وأبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في دلائل النبوة ، في غزاة خيبر : أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لما افتتح القموص : - حصن ابن أبي الحقيق - أتى بصفية بنت حي بن أخطب ، وبأخرى معها ، فمر بهما بلال على قتلى من قتلى يهود ، فملما رأتهم التي مع صفية صاحت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها ، فلما رآها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " أغربوا عني هذه الشيطانة " وأمر بصفية فحيزت خلفه ، وألقى عليها رداءه ، فعرف المسلمون أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد اصطفاها لنفسه ، وكانت صفية قد رأت في المنام ، وهي عروس بكنانة بن الربيع ، أن قمرا وقع في حجرها ، فعرضت رؤياها على زوجها ، فقال : ما هذا إلا أنك تمنين ملك الحجاز محمدا : فلطم وجهها لطمة خضر عينها منها ، فأتى بها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وبها أثر منه ، فسألها ما هو فأخبرته هذا الخبر .
وروى عن أنس بن مالك من رواية صهيب ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لما جمع سبى خيبر جاءه دحية فقال : أعطني جارية ، من السبي ، قال : " اذهب فخذ جارية " فأخذ صفية بنت حي ، فقيل : يا رسول الله ، إنها سيدة قريظة والنضير ، ما تصلح إلا لك ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " خذ جارية من السبي غيرها " .
وقال ابن شهاب : كانت مما أفاء الله عليه ، حجبها وأولم عليها بتمر وسويق ، وقسم لها ، وكانت إحدى أمهات المؤمنين ، قال أبو عمر : " روى أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دخل على صفية وهي تبكي ، فقال لها : " ما يبكيك " ؟ قالت : بلغني أن عائشة وحفصة تنالان مني ، وتقولان نحن خير من صفية ، نحن بنات عم رسول الله وأزواجه ، قال : " ألا قلت لهن كيف تكن خيراً مني وأبي هرون ، وعمي موسى ، وزوجي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) " .
وكانت صفية حليمة عاقلة فاضلة ، وروى أن جارية لها أتت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقالت : إن صفية تحب السبت وتصل اليهود ، فبعث إليها عمر يسألها ، فقالت : أما السبت فإني لم أحبه منذ أبدلني الله به يوم الجمعة ، وأما اليهود فإن لي فيهم رحما فأنا أصلها ، ثم قالت للجارية : ما حملك على ما صنعت ؟ قالت : الشيطان ، قالت : فاذهبي فأنت حرة .

الصفحة 123