كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 134 """"""
والله ، إني لعلى دينه ، قالوا : لا جرم ، والله لنعذبنك عذاباً شديداً ، فارتحلوا بنا من دارنا ، ونحن كنا بذي الخلصة ، فساروا يريدون منزلاً ، وحملوني على جمل ثفال ، شر ركابهم وأغلظه ، يطعموني الخبز بالعسل ، ولا يسقوني قطرة من ماء ، حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس ، ونحن قائظون ، فنزلوا فضربوا أخبيتهم وتركوني في الشمس حتى ذهب عقلي وسمعي وبصري ، ففعلوا بي ذلك ثلاثة أيام ، فقالوا لي في اليوم الثالث : اتركي ما أنت عليه ، قالت : فما دريت ما يقولون إلا الكلمة بعد الكلمة ، فأشير بإصبعي إلى السماء بالتوحيد ، قالت : فوالله إني لعلى ذلك ، وقد بلغني الجهد ، إذ وجدت برد دلوٍ على صدري ، فأخذته فشربت منه نفساً واحداً ، ثم انتزع مني ، فذهبت أنظر فإذا هو معلق بين السماء والأرض ، فلم أقدر عليه ، ثم دلي الثانية فشربت منه نفساً ، ثم رفع ، فذهبت أنظر ، فإذا هو بين السماء والأرض ، ثم دلي الثالثة فشربت منه حتى رويت ، فأهرقت على رأسي ووجهي وثيابي ، قالت : فخرجوا فنظروا ، فقالوا : من أين لك هذا يا عدوة الله ؟ قالت فقلت لهم : إن عدو الله غيري ؛ من خالف دينه ، فأما قولكم من أين هذا فمن عند الله رزقاً رزقنيه الله ، قالت : فانطلقوا سراعاً إلى قربهم فوجدوها موكأة لم تحل ، فقالوا : نشهد أن ربك هو ربنا ، فإن الذي رزقك ما رزقك في هذا الموضع بعد أن فعلنا بك ما فعلنا ، هو الذي شرع الإسلام ، فأسلموا وهاجروا جميعاً إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكانوا يعرفون فضلي عليهم ، وما صنع الله إلي ، قال : وهي التي وهبت نفسها للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكانت جميلة وقد أسنت ، فقالت : إني وهبت نفسي لك ، وأتصدق بها عليك ، فقبلها النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقالت عائشة : ما في امرأةٍ حين تهب نفسها لرجلٍ خيرٌ ، قالت أم شريك : فأنا تلك ؛ فسماها الله مؤمنة ، فقال تعالى : " وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنبي " . فلما نزلت هذه الآية قالت عائشة : إن الله ليسرع لك في هواك يا رسول الله . ومنهن :
الشنباء
ذكرها الشيخ أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطي رحمه الله ، في أزواج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، ولم يذكر لها ترجمة . فلنذكر من خطبهن ( صلى الله عليه وسلم ) .

الصفحة 134