كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 144 """"""
العباس بن عبد المطلب
كان يكنى أبا الفضل بابنه الفضل بن العباس ، وكان العباس أسن من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بسنتين ، وقيل : بثلاث سنين ، وأمه نتلة ، ويقال : نتيلة بنة جناب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد مناة بن عامر وهو الضحيان بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط . وهي أول عربية كست البيت الحرام الحرير والديباج وأصناف الكسوة . وذلك أن العباس ضل وهو صبي ، فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت الحرام ، فوجدته ففعلت .
وقد تقدم من خبر العباس في غزوة بدر عند أسره ، وقوله لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : إني كنت مسلماً ، وإن القوم استكرهوني على الخروج .
وقال أبو عمر بن عبد البر : أسلم العباس قبل خيبر وكان يكتم إسلامه . قال : ويقال إنه أسلم قبل بدر ، وكان يكتب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بأخبار المشركين ، وكان يحب أن يقدم على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فكتب إليه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إن مقامك بمكة خيرٌ " فلذلك قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يوم بدر : " من لقي منكم العباس فلا يقتله فإنه أخرج كرهاً " . وكان العباس أنصر الناس لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بعد أبي طالب ، وولي السقاية بعد أبي طالب وقام بها ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يكرم العباس بعد إسلامه ويعظمه ويجله ، ويقول : " هذا عمي وصنو أبي " . وكان العباس جواداً مطعماً ، وصولاً للرحم ، ذا رأي حسن ، ودعوة مرجوة .
وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استسقى بالعباس في سنة سبع عشرة وذلك عام الرمادة ، وكانت الأرض أجدبت إجداباً شديداً . فقال كعب لعمر : يا أمير المؤمنين ، إن بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم مثل هذا استسقوا بعصبة الأنبياء فقال عمر رضي الله عنه ؛ هذا عم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وصنو أبيه ، وسيد بني هاشم . فمشى إليه عمر فشكا إليه ما فيه الناس . ثم قال : اللهم إنا قد توجهنا إليك بعم أبينا وصنو أبيه ، فاسقنا الغيث ، ولا تجعلنا من القانطين . ثم قال : يا أبا الفضل قم فادع . فقام العباس فقال بعد حمد الله والثناء عليه : اللهم إن عندك سحاباً وعندك ماء ، فانشر السحاب ، ثم أنزل الماء منه علينا ، فاشدد به الأصل ، وأطل به الفرع ، اللهم إنك لم تنزل بلاء إلا بذنب ، ولم تكشفه إلا بتوبة ، وقد توجه القوم بي إليك فاسقنا الغيث ، اللهم شفعنا