كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 15 """"""
تطؤهما فتنةٌ " ، وخطّ لهم مسجدهم ، وهو أوّل مسجد خطّ بالمدينة ، وجاء من جهينة عمرو بن مرّة الجهنيّ . روى عنه محمد بن سعد بسنده إليه قال : كان لنا صنمٌ ، وكنا نعظّمه ، وكنت سادنه ، فلما سمعت برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كسرته ، وخرجت حتى أقدم المدينة على النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقدمت فأسلمت وشهدت شهادة الحقّ ، وآمنت بما جاء به من حلال وحرام ، فذلك حين أقول :
شهدت بأنّ الله حقٌّ وأنّني . . . لآلهة الأحجار أوّل تارك
وشمّرت عن ساقي الإزار مهاجراً . . . إليك أجوب الوعث بعد الدّكادك
لأصحب خير النّاس نفساً ووالدا . . . رسول مليك النّاس فوق الحبائك
قال : فبعثه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام ، فأجابوه إلاّ رجلا ردّ عليه قوله ، فدعا عليه عمرو بن مرّة فسقط فوه ، فما كان يقدر على الكلام ، وعمي واحتاج .
ذكر وفد مزينة
وهذا الوفد هو أوّل ما بدأ به محمد بن سعد من الوفود في طبقاته ، فقال : كان أول من وفد على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من مضر أربعمائة من مزينة ، وذلك في شهر رجب سنة خمسٍ ، فجعل لهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الهجرة في دارهم وقال : " أنتم مهاجرون حيث كنتم فارجعوه إلى أموالكم " فرجعوا إلى بلادهم . وقال محمد بن سعدٍ بسندٍ يرفعه إلى أبي مسكين ، وأبي عبد الرحمن العجلانيّ ، قالا : قدم على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نفرٌ من مزينة ، منهم خزاعيّ بن عبد نهم فبايعه على قومه مزينة ، وقدم معه عشرةٌ منهم ، فيهم بلال بن الحارث ، والنعمان ابن مقرّن ، ثم خرج إلى قومه فلم يجدهم كما ظنّ فأقام ، فدعا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حسّان بن ثابت ، فقال : " اذكر خزاعيّاً ولا تهجه " فقال حسّان :
ألا أبلغ خزاعيّا رسولا . . . بأنّ الذّمّ يغسله الوفاء
وأنّك خير عثمان بن عمرٍو . . . وأسناها إذا ذكر السّناء