كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 178 """"""
كسلان . وقال عبد الله بن مسعود : إنّ أحسن الهدي هدي محمد ( صلى الله عليه وسلم ) . وعن جابر بن عبد الله : كان في كلام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ترتيل أو ترسيل ، قال ابن أبي هالة : كان سكوته على أربع : على الحلم ، والحذر ، والتقدير ، والتفكر . وقالت عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يحدث حديثاً لو عدّه العادّ لأحصاه . وكان ( صلى الله عليه وسلم ) يحب الطيب والرائحة الحسنة ويحض عليها ويقول : " حبّب إليّ من دنياكم النساء ، والطّيب وجعلت قرّة عيني في الصلاة " . ومن مروءته ( صلى الله عليه وسلم ) نهيه عن النفخ في الطعام والشراب ، والأمر بالأكل مما يلي ، والأمر بالسواك ، وإنقاء البراجم والرّواجب ، واستعمال خصال الفطرة . ( صلى الله عليه وسلم ) تسليماً كثيراً أبدى دائماً إلى يوم الدين ، آمين .
وأما زهده في الدنيا ( صلى الله عليه وسلم )
فحسبك من ذلك أنه ( صلى الله عليه وسلم ) توفي ودرعه مرهونة عند يهوديّ في نفقة عياله ، بعد أن فتح الله عليه من الفتوحات ما ذكرناه ، وآتاه من الأخماس والصفايا ما قدمناه ، فآثر بذلك كله ، وكان يقول : " اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا " وسنذكر إن شاء الله تعالى في أحواله ما ناله من شدة العيش والجوع ما تقف عليه هناك . قالت عائشة رضي الله عنها : لقد مات رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وما في بيتي شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رفّ لي ، وقال لي : " إنّي عرض عليّ أن تجعل لي بطحاء مكة ذهباً فقلت لا يا رب أجوع يوما وأشبع يوما ، فأما اليوم الذي أجوع فيه فأتضرع إليك وأدعوك ، وأما اليوم الذي أشبع فأحمدك وأثني عليك " . وفي حديث آخر : " إن جبريل عليه السلام نزل عليه فقال له : إن الله يقرئك السلام ويقول لك : أتحب أن أجعل هذه الجبال ذهبًا ، وتكون معك حيثما كنت ؟ " فأطرق ساعة ثم قال : " يا جبريل ، إن الدنيا دار من لا دار له ومال من لا مال له قد يجمعها من لاعقل له " فقال له جبريل : ثبتك الله يا محمد بالقول الثابت . ( صلى الله عليه وسلم ) .

الصفحة 178