كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 18 """"""
ذكر وفد الأشعرين
قالوا : وقدم الأشعرون على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهم خمسون رجلا ؛ منهم أبو موسى الأشعري ، ومعهم رجلان من عكّ . وقدموا في سفنٍ في البحر ، وخرجوا بجدّة ، فلما دنوا من المدينة جعلوا يقولون :
غدًا نلقى الأحبّة . . . محمّدًا وحزبه
ثم قدموا فوجدوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في سفره بخيبر ، فلقوه ( صلى الله عليه وسلم ) فبايعوه وأسلموا ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " الأشعرون في الناس كصرّة فيها مسك " .
ذكر وفد سليم
قالوا : وفد على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رجلٌ من بني سليم ، يقال له قيس ابن نسيبة ، فسمع كلامه ، وسأله عن أشياء فأجابه ، ووعى ذلك كله ، ودعاه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى الإسلام ، فأسلم ورجع إلى قومه ، فقال : قد سمعت برجمة الروم ، وهينمة فارس ، وأشعار العرب ، وكهانة الكاهن ، وكلام مقاول حمير ، فمن يشبه كلام محمد شيئا من كلامهم ، فأطيعوني وخذوا بنصيبكم منه . فلما كان عام الفتح خرجت بنو سليم إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فلقوه بقديد وهم سبعمائة . ويقال : كانوا ألفا . وفيهم العباس بن مرداس السّلمي ، وأنس بن عبّاس بن رعل ، وراشد بن عبد ربه ، فأسلموا وقالوا : اجعلنا في مقدّمتك ، واجعل لواءنا أحمر ، وشعارنا مقدّم ، ففعل ذلك بهم . وأعطى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) راشدا رهاطًا وفيها عينٌ يقال لها عين الرسول . قال : وكان راشدٌ يسدن صنما لبني سليم ، فرأى يوما ثعلبين يبولان عليه ، فقال :
أربٌّ يبول الثّعلبان برأسه . . . لقد ذلّ من بالت عليه الثّعالب
ثم شدّ عليه فكسره . وأتى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال له : " ما اسمك " ؟ قال : غاوي بن عبد العزّى ، فقال : " أنت راشد بن عبد ربّه " فأسلم حسن إسلامه وشهد الفتح . فقال الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) : " خير بني سليم راشد " وعقد له على قومه .