كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 180 """"""
سنته فقال : " المعرفة رأس مالي ، والعقل أصل ديني ، والحب أساسي ، والشوق مركبي ، وذكر الله أنيسي ، والثقة كنزي ، والحزن رفيقي ، والعلم سلاحي ، والصبر زادي ، والرضا غنيمتي ، والعجز فخري ، والزهد حرفتي ، واليقين قوتي ، والصدق شفيعي ، والطاعة حسبي ، والجهاد خلقي ، وقرة عيني في الصلاة " . وفي حديث آخر : " وثمرة فؤادي في ذكره ، وغمي لأجل أمتي ، وشوقي إلى ربي " . ولنصل هذه الفصول التي شرحناها في صفاته المعنوية ( صلى الله عليه وسلم ) بما ورد من طيب ريحه ، وعرقه ، وما يجري هذا المجرى .
ذكر نبذة مما ورد في نظافة جسمه ، وطيب ريحه ، وعرقه ونزاهته عن الأقذار وعورات الجسد ( صلى الله عليه وسلم )
كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد خصه الله عز وجل من ذلك بخصائص لم توجد في غيره ، ومنحه منحا لم تكن في سواه ؛ من ذلك ما رويناه عن مسلم ابن الحجاج بإسناده ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ما شممت عنبراً قط ولا مسكا ولا شيئا أطيب من ريح رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وعن جابر ابن سمرة أنه ( صلى الله عليه وسلم ) مسح خدّه ، قال : فوجدت ليده بردا وريحا كأنما أخرجها من جونة عطار . قال غيره : مسّها بطيب أو لم يمسّها ، يصافح المصافح فيظل يومه يجد ريحها ، ويضع يده على رأس الصبيّ فيعرف من بين الصبيان بريحها . وروى أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نام في دار أنس فعرق ، فجاءت أم أنس بقارورة تجمع فيها عرقه . فسألها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن ذلك فقالت : نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب . وذكر البخاري في تاريخه الكبير عن جابر : لم يكن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يمرّ في طريق فيتبعه أحد إلا عرف أنه سلكه من طيبه . وذكر إسحاق بن راهويه : أن تلك كانت رائحته بلا طيبٍ ( صلى الله عليه وسلم ) . وروى المزنيّ عن جابر قال : أردفني النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فالتقمت خاتم النبوة بفمي وكان ينمّ عليّ مسكا . ونقل القاضي عياض بن موسى قال : حكى بعض المعتنين بأخباره وشمائله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه كان إذا أراد أن يتغوّط انشقت الأرض فابتلعت غائطة وبوله ، وفاحت لذلك رائحة طيبة .
وأسند محمد بن سعد في هذا خبرا عن عائشة رضي الله عنها ، أنها قالت للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) : إنك تأتي الخلاء ولا يرى منك شيء من الأذى . فقال : " يا عائشة أو ما علمت أن الأرض تبتلع ما يخرج من الأنبياء فلا يرى منه شيء " قال القاضي عياض : وهذا الخبر وإن لم يكن

الصفحة 180