كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 19 """"""
وروى محمد بن سعد أيضا ، عن هشام بن محمد ، قال حدّثني رجلٌ من بني سليم من بني الشّريد ، قال : وفد رجل منا يقال له قدد بن عمّار على النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) ، وعاهده على أن يأتيه بألف من قومه على الخيل ؛ وأنشأ يقول :
شددت يميني إذ أتيت محمّدًا . . . بخير يدٍ شدّت بحجزة مئزر
وذاك امرؤ قاسمته نصف دينه . . . وأعطيته كفّ امرىءٍ غير أعسر
ثم أتى قومه فأخبرهم الخبر ، فخرج معه تسعمائة ، وخلّف في الحيّ مائةً ، وأقبل يريد النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) فنزل به الموت ، فأوصى إلى ثلاثة رهطٍ من قومه ؛ وهم : عباس بن مرداس وأمّره على ثلثمائة ، وجبّار بن الحكم وأمّره على ثلثمائة ، والأخنس بن يزيد وأمّره على ثلثمائة . وقال : ايتوا هذا الرجل حتى تقضوا العهد الذي في عنقي ثم مات ، فمضوا حتى قدموا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : " أين الرجل الحسن الوجه ، الطويل اللسان ، الصادق الأيمان " ؟ .
قالوا : يا رسول الله دعاه الله فأجابه ، وأخبروه خبره ؛ فقال : " أين تكملة الألف الذين عاهدني عليهم " ؟ . قالوا : خلّف مائةً في الحيّ مخافة حرب كان بيننا وبين بني كنانة ، قال : " ابعثوا إليها فإنه لا يأتيكم في عامكم هذا شيءٌ تكرهونه " . فبعثوا إليها فأتته بالهدّة وعليها المنقع بن مالك بن أمية ، فشهدوا مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الفتح وحنين . وللمنقع يقول العباس بن مرداس :
القائد المائة التي وفّى بها . . . تسع المئين فتمّ ألفٌ أقرع
وحكى أبو عمر عبد البر في ترجمة خنساء بنت عمرو بن الشّريد السّلميّة الشاعرة - واسمها تماضر بنت عمرو بن الشّريد بن رباح بن ثعلبة بن عصيّة بن خفاف بن امريء القيس بن بهثة بن سليم - أنها قدمت على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مع قومها من بني سليم فأسلمت معهم . قال : فذكروا أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كان يستنشدها ، ويعجبه شعرها ، فكانت تنشده ، وهو يقول : " هيه يا خناس " ويوميء بيده . وشهدت الخنساء القادسيّة مع بنيها الأربعة . وسنذكر إن شاء الله خبرها معهم يوم القادسية ، و وصيتها لهم في الحرب في خلافة عمر بن الخطاب ، عند ذكرنا لفتح القادسية .

الصفحة 19