كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 192 """"""
رضي الله عنه على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو على سرير مرمول بشريط ، وتحت رأسه مرفقة من أدم محشوة بليف ، وقد أثر الشريط بجنبه ، فبكى عمر ، فقال : " ما يبكيك " ؟ قال : يا رسول الله ذكرت كسرى وقيصر يجلسون على سرر الذهب ويلبسون السندس والإستبرق ، فقال : " أما ترضون أن تكون لكم الآخرة ولهم الدنيا " . وعن عبد الله بن مسعود قال : اضطجع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على حصير فأثر الحصير بجلده ، فلما استيقظ جعلت أمسح عنه وأقول : يا رسول الله ، ألا آذنتنا نبسط لك على هذا الحصير شيئا يقيك منه ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " مالي وللدنيا ، وما أنا والدنيا ، ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها " ، وعن المغيرة ابن شعبة قال : كان لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فروة ، وكان يستحب أن تكون له فروة مدبوغة يصلي عليها ، وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يصلي على الحصير والخمرة ، كما روي في الصحيحين .
ذكر ما لبسه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من الخواتم ، ومن قال لم يختتم
قد قدمنا أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) اتخذ الخاتم في سنة سبع من الهجرة عندما بعث رسله إلى الملوك ، وختم به الكتب التي سيرها إليهم ، فلنذكر هنا ما لبسه من الخواتم وقد روى أنه تختم بالذهب والفضة والحديد الملوى عليه الفضة ، على ما نذكر ذلك من أقوالهم .
روى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : اتخذ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خاتما من ذهب ، فكان يجعل فصه في بطن كفه إذا لبسه في يده اليمنى ، فصنع الناس خواتيم من ذهب ، فجلس رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على المنبر فنزعه ، وقال : " إني كنت ألبس هذا الخاتم وأجعل فصه من باطن كفي " فرمى به ، وقال : " والله لا ألبسه أبداً " ونبذ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) الخاتم ، فنبذ الناس خواتيمهم .
ثم اتخذ خاتماً من فضة فصه منه ، ونقش عليه " محمد رسول الله " ثلاثة أسطر ، كان يختم به الكتب إلى الملوك . وقد روى أن خاتمه كان من حديد ، ملوى عليه فضة ، وقيل : إنه رآه في يد عمرو بن سعيد بن العاص حين قدم من الحبشة فقال :

الصفحة 192