كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 199 """"""
ذكر نعم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
كان لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عشرون لقحة بالغابة ، يراح له منها كل ليلة بقربتين عظيمتين من اللبن ، وكانت له لقحة تدعى بردة ، أهداها له الضحاك ابن سفيان ، كانت تحلب كما تحلب لقحتان غزيرتان ، وكانت له مهرية أرسلها إليه سعد بن عبادة من نعم بني عقيل ، وكانت له القصواء ، وهي التي هاجر عليها ، وكان لا يحمله إذا نزل عليه الوحي غيرها ، وهي العضباء ، والجدعاء ، وقيل : العضباء غير القصواء ، وقد ذكرنا في الباب الثالث من القسم الثالث من الفن الثالث نعمه بأبسط من هذا .
وكان له ( صلى الله عليه وسلم ) مائة من الغنم ، وكانت له سبع منائح : عجرة ، وزمزم ، وسقيا ، وبركة ، وورشة ، وأطلال . وأطراف ، وكانت أم أيمن ترعاهن ، وكانت له شاة يختص بشرب لبنها ، تدعى غيثة ، وكان له ديكٌ ابيض ، هذا ما أمكن إيراده في هذه الفصول ، وهو بحسب الاختصار .
وقد آن أن نأخذ من ذكر معجزاته ( صلى الله عليه وسلم ) ، وإنما أخرنا ذكر المعجزات إلى هذه الغاية لأمور : منها أن معجزاته ( صلى الله عليه وسلم ) كانت في مدة حياته ، تقع خلال غزواته ، وغالب أوقاته ، فلو ذكرناها قبل نهاية ذكر أحواله ( صلى الله عليه وسلم ) ، لكنا قد قدمنا منها شيئا قبل وقته الذي وقع فيه . ومنها أنا لما ذكرنا صفاته ( صلى الله عليه وسلم ) فيما تقدم ، استلزم إيراد أحواله تلو صفاته ، وصار الكلام يتلو بعضه بعضا ، ولو ذكرنا المعجزات في خلال ذلك لانقطع الكلام وانفرط النظام ، وأهم الأسباب في تأخير ذكر المعجزات إلى هذه الغاية ، أنا أردنا أن تكون معجزاته ( صلى الله عليه وسلم ) خاتمةً لهذه السيرة الشريفة ، وتالية لهذه المناقب المنيفة لا يجعل بعدها من أخباره ( صلى الله عليه وسلم ) إلا أخبار وفاته عليه السلام .
ذكر معجزات رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
ومعنى المعجزة أن الخلق عجزوا عن الإتيان بمثلها ، ولا تكون معجزة إلا مع وجود التحدي بالنبوة ، وأما مع عدم التحدي فهي كرامة ، كأحوال الأولياء .

الصفحة 199