كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 203 """"""
يتخلل فصوله ، والكلام الفصيح إذا اعتوره مثل هذا ضعفت قوته ، ولانت جزالته ، وقل رونقه ، وتقلقلت ألفاظه ، وهذا من الأمور الظاهرة التي لا يحتاج عليها إقامة دليل ، ولا تقرير حجة ، ولا بسط مقال .
الوجه العاشر - وجمعه لعلوم ومعارف لم تعهدها العرب ، ولا علماء أهل الكتاب ، ولا اشتمل عليها كتاب من كتبهم ، فجمع فيه من بيان علم الشرائع ، والتنبيه على طرق الحجج العقليات ، والرد على فرق الأمم بالبراهين الواضحة ، والأدلة البينة السهلة الألفاظ ، الموجزة المقاصد ، لقوله تعالى : " أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادرٍ على أن يخلق مثلهم " وقوله : " قل يحيها الذي أنشأها أول مرةٍ " وقوله : " لو كان فيهما آلهةٌ إلا الله لفسدتا " إلى غير ذلك مما اشتمل عليه من المواعظ والحكم وأخبار الدار الآخرة ، ومحاسن الآداب ، وغير ذلك مما لا يحصيه واصفٌ ، ولا يعده عادٌ ، قال الله تعالى : " ما فرطنا في الكتاب من شيءٍ " ، وقال تعالى : " ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثلٍ " وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إن الله أنزل على القرآن آمراً وزاجراً ، وسنةً خالية ، ومثلا مضروبا ، فيه نبأكم وخبرما كان قبلكم ، ونبأ ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، لا يخلقه طول الرد ، ولا تنقضي عجائبه ، هو الحق ليس بالهزل ، من قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن خاصم به فلج ، ومن قسم به أقسط ، ومن عمل به أجر ، ومن تمسك به هدي إلى صراط مستقيم ، ومن طلب الهدى من غيره أضله الله ، ومن حكم بغيره قصمه الله ، هو الذكر الحكيم ، والنور المبين ، والصراط المستقيم ، وحبل الله المتين ، والشفاء النافع ، عصمةٌ لمن تمسك به ، ونجاةٌ لمن اتبعه ، لا يعوج فيقوم ، ولا يزيغ فيستعتب ، ولا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق على كثرة الرد " . وفي الحديث : " قال الله تعالى لمحمد - ( صلى الله عليه وسلم ) - إني منزلٍ عليك توراةً حديثة تفتح بها أعينا عمياً وآذانا صماً ، وقلوباً غلفا ، وفيها ينابيع العلم ، وفهم الحكمة ، وربيع القلوب " . وقد عدوا في إعجازه وجوها كثيرة غير ما ذكرناه فلا نطول بسردها .
وأما انشقاق القمر ، وحبس الشمس ورجوعها - فكان ذلك من معجزات رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال الله تعالى : " اقتربت الساعة وانشق القمر . وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحرٌ مستمرٌ " .
وقد رويت قصة انشقاق القمر عن ابن