كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 205 """"""
وأما رجوع الشمس - فقد روى عن أسماء بنت عميس أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان يوحى إليه ورأسه في حجر عليٍ ، فلم يصل العصر حتى غربت الشمس ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " أصليت يا علي " ؟ قال : لا . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس " قالت أسماء : فرأيتها غربت ، ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت ، ووقفت على الجبال والأرض ، وذلك بالصهباء في خيبر . خرجه الطحاوي في مشكل الحديث عن أسماء من طريقين ، قال وكان أحمد بن صالح يقول : لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء ؛ لأنه من علامات النبوة .
وأما حبسها فقد روى يونس بن بكير في زيادة المغازي عن ابن إسحاق : أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لما أسرى به ، وأخبر قومه بالرفقة والعلامة التي في العير ، قالوا : متى تجيء ؟ قال : " يوم الأربعاء " فلما كان ذلك اليوم أشرفت قريش ينظرون ، وقد ولى النهار ولم يجيء ، فدعا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فزيد له في النهار ساعة ، وحبست عليه الشمس ( صلى الله عليه وسلم ) .
وأما نبع الماء من بين أصابعه ( صلى الله عليه وسلم )
فقد روى عن أنس بن مالك ، وجابر ، وعبد الله بن مسعود ؛ قال أنسٌ من رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة : رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وقد حانت صلاة العصر ، فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه ، فأتي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بوضوء ، فوضع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في ذلك الإناء يده ، وأمر الناس أن يتوضئوا منه ، قال : فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه ، فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم . ورواه أيضاً عن أنس قتادة ، وقال : بإناء فيه ماء ما يغمر أصابعه ، ولا يكاد يغمر ، قال : كم كنتم ؟ قال : زهاء ثلثمائة ، وفي رواية عنه : وهو بالزوراء عند السوق .
وأما ابن مسعود ، ففي الصحيح عنه من رواية علقمة : بينما نحن مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وليس معنا ماء ، فقال لنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " اطلبوا من معه فضل ماءٍ " فأتي بإناءٍ فصبه في إناءٍ ، ثم وضع كفه فيه ، فجعل الماء ينبع من بين أصابع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وفي الصحيح عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال : " عطش الناس يوم الحديبية ، ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ركوةٌ فتوضأ منها ، وأقبل الناس نحوه ، وقالوا : ليس عندنا ماءٌ ، إلا ما في ركوتك ، فوضع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يده في الركوة ، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون ، وفيه :

الصفحة 205