كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 206 """"""
فقلت كم كنتم ؟ قالوا : لو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا خمس عشرة مائة . وفي صحيح مسلم في ذكر غزوة بواط ، قال جابر قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " يا جابر ناد الوضوء " وذكر الحديث بطوله : وإنه لم يحد إلا قطرة في عزلاء شجبٍ ، فأتي به النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فغمزه ، وتكلم بشيء لا أدري ما هو ، وقال : " ناد بجفنة الركب " فأتيت بها فوضعتها بين يديه ، وذكر أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بسط يده في الجفنة ، وفرق أصابعه ، وصب جابر عليه وقال : " بسم الله " قال : فرأيت الماء يفور من بين أصابعه ، ثم فارت الجفنة ، واستدارت حتى امتلأت ، وأمر الناس بالاستقاء فاستقوا حتى رووا ، فقلت : هل بقي أحد له حاجة ؛ فرفع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يده من الجفنة وهي ملأى . هذا مختصر ما روي من تفجير الماء من بين أصابعه ( صلى الله عليه وسلم ) .
وأما تفجيره وانبعاثه وتكثيره ببركته ودعائه ( صلى الله عليه وسلم )
فمن ذلك ما رواه مالك بن أنس رحمه الله في الموطأ ، عن معاذ بن جبل في قصة غزوة تبوك وأنهم وردوا العين ، وهي تبض بشيء من ماء مثل الشراك ، فغرفوا من العين بأيديهم حتى اجتمع في شيء ، ثم غسل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فيه وجهه ويديه ، وأعاده فيها فجرت بماء كثير فاستقى الناس .
وفي حديث ابن إسحاق : فانخرق من الماء ماله حسٌ كحس الصواعق ، ثم قال : " يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جنانا " . ومنه قصة الحديبية ، وقد تقدم ذكرها في الغزوات . ومن ذلك خبر صاحبة المزادتين ، وهو مما روى عن عمران بن حصين ، قال : أصاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه عطشٌ في بعض أسفارهم ، فوجه رجلين من أصحابه ، وأعلمهما أنهما يجدان امرأة بمكان كذا ، معها بعير عليه مزادتان ، الحديث . فوجداها وأتيا بها النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فجعل في إناء من مزادتها ، وقال فيه ما شاء الله أن يقول ، ثم أعاد الماء في المزادتين ، ثم فتحت عزاليهما ، وأمر الناس فملأوا أسقيتهم حتى لم يدعوا شيئاً إلا ملأوه ، قال عمران : ويخيل لي أنهما لم تزدادا إلا

الصفحة 206