كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 208 """"""
ولأبي بكر رضي الله عنه من الطعام زهاء ما يكفيهما ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " ادع ثلاثين من أشراف الأنصار " فدعاهم فأكلوا حتى تركوه ، ثم قال : " ادع ستين " فكان مثل ذلك ، ثم قال : " ادع سبعين " فأكلوا حتى تركوا ، وما خرج منهم أحدٌ حتى أسلم وبايع ، قال أبو أيوب : فأكل من طعامي مائة وثمانون رجلاً .
وعن سمرة بن جندب قال : أتى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بقصعة فيها لحم فتعاقبوها من غدوة حتى الليل يقوم قوم ويقعد آخرون . ومن ذلك حديث عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما قال : كنا مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ثلاثين ومائة ، وذكر في الحديث : عجن صاعٌ من طعام ، وصنعت شاة فشوي سواد بطنها ، قال : وأيم الله ما من الثلاثين والمائة إلا وقد حز له حزة من سواد بطنها ، ثم جعل منها قصعتان فأكلنا أجمعون ، وفضل في القصعتين فحملته على البعير . ومن ذلك حديث عمر بن الخطاب وأبي هريرة وسلمة بن الأكوع رضي الله عنهم فذكروا مخمصة أصابت الناس مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في بعض مغازيه ، فدعا ببقية الأزواد ، فجاء الرجل بالحثية من الطعام وفوق ذلك وأعلاهم الذي أتى بالصاع من التمر فجمعه على نطع ، قال سلمة : فحززته كربضة البعير ، ثم دعا الناس بأوعيتهم ، فما بقي في الجيش وعاءٌ إلا ملأوه وبقي منه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أمرني رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن أدعو له أهل الصفة فتتبعتهم حتى جمعتهم ، فوضعت بين أيدينا صحفة فأكلنا ما شئنا وفرغنا ، وهي مثلها حين وضعت ، إلا أن فيها أثر الأصابع . وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : جمع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بني عبد المطلب وكانوا أربعين ، منهم قوم يأكلون الجذعة ويشربون الفرق فصنع لهم مدا من طعام ، فأكلوا حتى شبعوا وبقى كما هو ، ثم دعا بعس فشربوا حتى رووا وبقى كأنه لم يشرب . وقال أنس ابن مالك : إن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لما ابتنى بزينب أمره أن يدعو له قوما سماهم ، وكل من لقيت حتى امتلأ البيت والحجرة ، وقدم إليهم تورا فيه قدر مد من تمر جعل حيسا ، فوضعه قدامه وغنمس ثلاثة أصابعه ، وجعل القوم يتغدون ويخرجون ، وبقي النور نحوا ما كان ، وكان القوم أحدا أو اثنين وسبعين . وفي رواية أخرى في هذه القصة أو مثلها : أن القوم كانوا زهاء ثلثمائة ، وأنهم أكلوا