كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 209 """"""
حتى شبعوا ، ؛ وقال لي : " ارفع " فلا أدري حين وضعت كان أكثر أم حين رفعت . وفي حديث جعفر بن محمد عن آله ، عن علي رضي الله عنهم أن فاطمة رضي الله عنها طبخت قدرا لغدائها ، ووجهت عليا إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ليتغدى معها ، فأمرها فغرفت منها لجميع نسائه صحفةً صحفةً ، ثم له عليه السلام ولعلي ، ثم لها ، ثم رفعت القدر ، وإنها لتفيض ، قالت : فأكلنا منها ما شاء الله .
ومن ذلك أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يزود أربعمائة راكب من أحمس ، فقال : يا رسول الله ، ما هي إلا أصوع ، قال : اذهب فذهب فزودهم منه ، وكان قدر الفصيل الرابض من التمر وبقى بحاله . ومن ذلك حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه في دين أبيه ، وقد كان بذل لغرماء أبيه أصل ماله فلم يقبلوه ، ولم يكن في ثمرها سنين كفاف دينهم ، فأمره النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بجذها وجعلها بيادر في أصولها ، ثم جاءه فمشى فيها ودعا ، فأوفى جابر غرماء أبيه من ذلك ، وفضل مثل ما كانوا يجذون كل سنة . وفي رواية : مثل ما أعطاهم . قال : وكان الغرماء يهوداً فعجبوا من ذلك . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أصاب الناس مخمصة فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " هل لي شيء " ؟ قلت : نعم ، شيء ، من التمر في المزود ، قال : " فأتني به " فأتيته به فأدخل يده فأخرج قبضة فبسطها ، ودعا بالبركة ، ثم قال : " ادع لي عشرة " فأكلو حتى شبعوا ، ثم عشرة كذلك ، حتى أطعم الجيش كلهم وشبعوا ، قال : " خذ ما جئت به وأدخل يدك واقبض منه ولا تكبه " فقبضت على أكثر مما جئت به فأكلت منه وأطعمت منه حياة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأبي بكر وعمر ، إلى أن قتل عثمان فانتهب مني فذهب . وفي رواية : فقد حملت من ذلك التمر كذا وكذا ومن وسق في سبيل الله . وذكر مثل هذه الحكاية في غزوة تبوك ، وأن التمر كان بضع عشرة تمرة . ومنه أيضاً حديث أبي هريرة رضي الله عنه حين أصابه الجوع ، فاستتبعه ، النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فوجد لبنا في قدح قد أهدى إليه ، وأمره أن يدعو أهل الصفة ، قال فقلت : ما هذا اللبن فيهم كنت أحق أن أصيب منه شربة أتقوى بها ، فدعوتهم ، وذكر أمر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) له أن يسقيهم ، قال : فجعلت أعطى الرجل فيشرب حتى يروى ، ثم يأخذ الآخر حتى روى جميعهم ، فأخذ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) القدح وقال : " بقيت أنا وأنت اقعد فاشرب " فشربت ثم قال : " اشرب " وما زال يقولها واشرب حتى قلت : لا والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكا ؛ فأخذ القدح فحمد الله وسمى وشرب الفضلة ، ( صلى الله عليه وسلم ) .

الصفحة 209