كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 211 """"""
وروى أسامة بن زيد نحوه ، قال قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في بعض مغازيه : " هل " ؟ يعني مكانا لحاجة رسول الله - ( صلى الله عليه وسلم ) - فقلت : إن الوادي ما فيه موضع بالناس ، فقال : " هل ترى من نخل أو حجارة " ؟ قلت : " أرى نخلات متقاربات ، فقال : " انطلق وقل لهن إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يأمركن أن تأتين لمخرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وقل للحجارة مثل ذلك " فقلت ذلك لهن ، فوالذي بعثه بالحق لقد رأيت النخلات يتقاربن حتى اجتمعن ، والحجارة يتعاقدن حتى صرن ركاما خلفهن ، فلما قضى حاجته قال لي : " قل لهن يفترقن " فوالذي نفسي بيده لرأيتهن والحجارة يفترقن حتى عدن إلى مواضعن .
وعن ابن مسعود مثله في غزاة حنين . وعن يعلى بن مرة - وهو ابن سيابة - وذكر أشياء رآها من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فذكر أن طلحة - أو سمرة - جاءت فأطافت به ، ثم رجعت إلى منبتها ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إنها استأذنت أن تسلم علي " . وفي حديث ابن مسعود : آذنت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بالجن ليلة فاستمعوا له شجرةٌ . وذكر أبو بكر بن فورك أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سار في غزوة الطائف ليلاً وهو وسنٌ ، فاعترضته سدرة فانفرجت له نصفين ، حتى جاز بينهما ، وبقيت على ساقين إلى وقتنا هذا ، وهي هناك معروفة . وقد روى في مثل ذلك أحاديث كثيرة .
ومن ذلك قصة حنين الجذع ، والخبر بذلك مشهورٌ منتشر خرجه أهل الصحيح ، ورواه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ، قال جابر بن عبد الله : كان المسجد مسقوفا على جذوع نخل ، فكان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إذا خطب يقوم على جذع منها ، فلما صنع له المنبر سمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار ، وفي رواية أنس : حتى ارتج المسجد بخواره .
وفي رواية سهل بن سعد : وكثر بكاء الناس لما رأوا به . وفي رواية المطلب بن أبي وداعة : حتى تصدع وانشق ، حتى جاء النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فوضع يده عليه فسكت . وزاد غيره : فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) " إن هذا بكى لما فقد من الذكر " وزاد غيره : " والذي نفسي بيده لو لم ألتزمه لم يزل هكذا إلى يوم القيامة تحزنا على رسول الله " ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأمر به رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فدفن تحت المنبر ، وفي حديث أبي بن كعب : فكان إذا صلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) صلى إليه ، فلما هدم المسجد أخذه أبي فكان عنده إلى أن أكلته ألرض وعاد رفاتا . وذكر الإسفرايني : أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) دعاه إلى نفسه فجاءه