كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 212 """"""
يخرق الأرض فالتزمه ، ثم أمره فعاد إلى مكانه . وفي حديث بريدة فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " إن شئت أردك إلى الحائط الذي كنت فيه ، تنبت لك عروقك ، ويكتمل خلقك ويجدد لك خوص وثمرة ، وإن شئت أغرسك في الجنة فيأكل أولياء الله من ثمرك " ، ثم أصغى له النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يستمع ما يقول فقال : بل تغرسني في الجنة فيأكل مني أولياء الله وأكون في مكان لا أبلى فيه . فسمعه من يليه ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " قد فعلت - ثم قال - اختار دار البقاء على دار الفناء " .
ومن معجزاته ( صلى الله عليه وسلم ) نطق الجمادات
كتسبيح الطعام في جوفه ، وتسبيح الحصى في كفه وكف من صبه في كفه من أصحابه ، وسلام الجبال والأحجار والأشجار عليه ، وسجودها له ، وغير ذلك مما يلتحق به على ما نشرحه إن شاء الله تعالى . فمن ذلك ما رويناه بإسناد متصل عن البخاري بسنده ، عن علقمة عن عبد الله قال : لقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل ، وفي غير هذه الرواية عن عبد الله بن مسعود قال : كنا نأكل مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الطعام ، ونحن نسمع تسبيحه . وقال أنس بن مالك : أخذ النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كفاٌ من حصًى فسبحن في يد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتى سمعنا التسبيح ، ثم صبهن في يد أبي بكر فسبحن ، ثم في أيدينا فما سبحن . وروى أبو ذر مثله ، وذكر أنهن سبحن في كف عمر وعثمان . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كنا بمكة مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فخرج إلى بعض نواحيها فما استقبله شجر ولا جبل إلا قال : السلام عليك يا رسول الله .
وعن جابر بن سمرة عنه ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي " قيل : إنه الحجر الأسود . وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، عنه ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " لما استقبلني جبريل بالرسالة جعلت لا أمر بحجر ولا شجر إلا قال السلام عليك يا رسول الله " .
وعن جابر بن عبد الله قال : لم يكن ( صلى الله عليه وسلم ) يمر بحجر ولا شجر إلا سجد له . وفي حديث العباس بن عبد المطلب إذا اشتمل عليه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وعلى بنيه بملاءته فأمنت أسكفة الباب وحوائط البيت آمين آمين . وعن جعفر ابن محمد عن أبيه قال : مرض النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فأتاه جبريل بطبق فيه رمان وعنب ، فأكل منه ( صلى الله عليه وسلم ) فسبح . وعن أنس رضي الله عنه قال : صعد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأبو بكر وعمر وعثمان أحداً فرجف بهم فقال : " أثبت أحد ، فإنما عليك نبيٌ وصديق

الصفحة 212