كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 213 """"""
وشهيدان " ومثله عن أبي هريرة في حراء ، وزاد فيه : ومعه علي وطلحة والزبير ، وقال : " إنما عليك نبيٌ أو صديق أو شهيد " ، والخبر في حراء أيضاً عن عثمان قال : ومعه عشرة من أصحابه أنا فيهم ، وزاد عبد الرحمن وسعدا ، قال : ونسيت الاثنين . وقد روى أنه ( صلى الله عليه وسلم ) حين طلبته قريش قال له ثبير : اهبط يا رسول الله ، فإني أخاف أن يقتلوك على ظهري فيعذبني الله ، فقال حراء : إلي يا رسول الله . وقد تقدم ذكر خبر الأصنام ، وسقوطها عند ما أشار إليها بالقضيب ، حين فتح الله تعالى مكة عليه ، ( صلى الله عليه وسلم ) تسليما كثيرا أبداً دائماً .
ومن معجزاته ( صلى الله عليه وسلم )
كلام الحيوانات وسكونها وثباتها إذا رأته ؛ كقصة الدجن ، وكلام الضب والذئب ، والطائر والظبية ، وسجود الغنم والبعير ، وخبر شفينة مولاه مع الأسد ، وخبر العنز ، وغير ذلك مما نورده إن شاء الله تعالى .
فمن ذلك ما رويناه بسند متصل عن عائشة قالت : كانت عندنا داجنٌ ، فإذا كان عندنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قر وثبت مكانه ، فلم يجيء ولم يذهب ، فإذا خرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) جاء وذهب .
ومنه ما روى عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كان في خفل من أصحابه إذ جاء أعرابي قد صاد ضبا فقال : من هذا ؟ قالوا : نبي الله ، واللات والعزى لا آمنت بك أو يؤمن هذا الضب . وطرحه بين يدي النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " يا ضب " فأجابه بلسان مبين يسمعه القوم جميعا : لبيك وسعديك يا زين من وافى القيامة ، قال : " من تعبد " ؟ قال : الذي في السماء عرشه ، وفي الأرض سلطانه ، وفي البحر سبيله ، وفي الجنة رحمته ، وفي النار عقابه ، قال : " فمن أنا ؟ " قال : رسول رب العالمين ، وخاتم النبيين ، وقد أفلح من صدقك ، وخاب من كذبك . فأسلم الأعرابي . ومن ذلك قصة كلام الذئب المشهورة عن أبي سعيد الخدري قال : بينا راع يرعى غنما له ، عرض الذئب لشاة منها فأخذها الراعي منه ، فأقعى الذئب وقال للراعي : ألا تتقي الله ، حلت بيني وبين رزقي قال الراعي : العجب من ذئب يتكلم بكلام الإنس ، فقال الذئب : ألا أخبرك بأعجب من ذلك ، رسول الله بين الحرتين