كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 217 """"""
وعن أنس رضي الله عنه أن شابا من الأنصار توفي وله أم عجوز عمياء قال : فسجيناه وعزيناها فقالت : مات ابني ؟ قلنا : نعم ، قالت : اللهم إن كنت تعلم أني هاجرت إليك وإلى نبيك رجاء أن تعينني على كل شدة ، فلا تحملن على هذه المصيبة ، قال : فما برحنا أن كشف الثوب عن وجهه فطعم وطعمنا . وروى عن عبد الله بن عبيد الله الأنصاري قال : كنت فيمن دفن ثابت بن قيس ابن شماس - وكان قتل باليمامة - فسمعناه حين أدخلناه القبر يقول : محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق ، عمر الشهيد ، وعثمان البر الرحيم ، فنظرنا فإذا هو ميت . وذكر عن النعمان بن بشير : أن زيد بن خارجة خر ميتا في بعض أزقة المدينة ، فرفع وسجى إذ سمعوه بين العشاءين والنساء يصرخن حوله يقول : أنصتوا ، أنصتوا ، فحسر عن وجهه ، قفال : محمد رسول الله ، النبي الأمي ، وخاتم النبيين ، كان ذلك في الكتاب الأول ، ثم قال : صدق صدق ، وذكر أبا بكر وعمر وعثمان ثم قال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ، ثم عاد ميتا . ومن ذلك قصة الذراع وقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لأصحابه : ارفعوا أيديكم فإنها أخبرتني أنها مسمومة . قد تقدم خبر الذراع . والله منجي المتقين ووليهم .
ومن معجزاته ( صلى الله عليه وسلم ) إبراء المرضى وذوي العاهات ، كرد عين قتادة ، وكشف بصر الضرير ، وتفله ( صلى الله عليه وسلم ) على جراحات فبرأت ، وغير ذلك مما نشرحه إن شاء الله تعالى .
أما عين قتادة بن النعمان فقد روينا بإسناد متصل عن سعد بن أبي وقاص : أن قتادة بن النعمان أصيبت عينه يوم أحد حتى وقعت على وجنته ، فردها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فكانت أحسن عينيه . وذكر الأصمعي عن أبي معشر المدني قال : أوفد أبو بكر محمد بن عمرو بن حزم ، بديوان المدينة إلى عمر بن عبد العزيز رجلاً من ولد قتادة بن النعمان ، فلما قدم عليه قال له : ممن الرجل ؟ قال :
أنا ابن الذي سالت على الخد عينه . . . فردت بكف المصطفى أحسن الرد
فعادت كما كانت لأول أمرها . . . فيا حسن ما عينٍ ويا حسن ما رد
فقال عمر بن عبد العزيز :
تلك المكارم لا قعبان من لبنٍ . . . شيبا بماءٍ فعادا بعد أبوالا

الصفحة 217