كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 225 """"""
يثرب خروج الملحمة ، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية " . وأخبر بغير ذلك من الأمور التي وقعت في حياته في أماكن بعيدة ، وأخبر بها حال وقوعها كموت النجاشي ، وقتل أمراء مؤتة ، وغير ذلك ( صلى الله عليه وسلم ) .
ومن معجزاته عصمة الله تعالى له من الناس وكفايته إياه مع كثرة أعدائه وتحزبهم واجتماعهم على أذاه
قال الله عز وجل : " والله يعصمك من الناس " . وقال تعالى : " واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا " . وقال : " أليس الله بكافٍ عبده " . وقال : " إنا كفيناك المستهزئين . الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف يعلمون " . وقال تعالى : " وإذ يمكر بك الذين كفرو ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " . روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يحرس حتى نزلت هذه الآية : " والله يعصمك من الناس " فأخرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رأسه من القبة ، فقال لهم : " يأيها الناس انصرفوا فقد عصمني لله ربي عز وجل " . وقيل : كان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يخاف قريشا ، فلما نزلت هذه الآية استلقى ، ثم قال : " من شاء فليخذلني " . وقد تقدم من عصمة الله له وكفايته قصتا دعثور وغورث ، وخبر حمالة الحطب ، وأخذ الله تعالى على بصرها حين أرادته بالفهر ، وخبر أبي جهل حين أراده بالحجر ، وغير ذلك . وها نحن نورد في هذا الموضع من ذلك خلاف ما قدمناه ؛ فمن ذلك ما روى عن الحكم بن العاص أنه قال : تواعدنا على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، حتى إذا رأيناه سمعنا صوتا خلفنا ما ظننا أنه بقي بتهامة أحد ، فوقعنا مغشيا علينا ، فما أفقنا حتى قضى صلاته ورجع إلى أهله ، ثم تواعدنا ليلة أخرى ، فخرجنا حتى إذا رأيناه جاءت الصفا والمروة فحالت بيننا وبينه . وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : تواعدنا أنا وأبو جهم بن حذيفة ليلةً قتل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فجئنا منزله فسمعنا له ، فافتتح وقال : " الحاقّة ما الحاقّة " إلى : " فهل ترى لهم من باقيةٍ " فضرب أبو جهم على عضد عمر وقال : انج ، وفرّا هاربين ، فكانت من مقدّمات إسلام عمر . ومن ذلك خروجه ( صلى الله عليه وسلم ) على قريش حين اجتمعوا لقتله ، فأخذ الله على أبصارهم حتى

الصفحة 225