كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 228 """"""
وقد رأينا ان نختم هذه الفصول بذكر
القصيدة التي ايتسمت ثغورها بوصف معجزاته ، وتحلت نحورها بجواهر صفاته ، ورفلت في حلل الفخار من باهر آياته ، وسحبت ذيول الافتخار بإشارات إلى غزواته ، وفاح أرجها فأخجل المسك الدّاريّ ، وأشرقت أنوارها على النيرين فما ظنك بالدراري ، وهي قصيدة الشيخ الإمام العلامة أبي محمد عبد الله بن زكريا الشقراطيسي رحمه الله تعالى ، وإنما اقتصرنا عليها وصرفنا الرغبة دون غيرها إليها لاشتمالها على جمل من أخباره السنية ، ونكت من آثاره التي هي بكل خير ملية ، وهي :
الحمد لله منا باعث الرسل . . . هدى بأحمد منا أحمد السبل
خير البرية من بدوٍ ومن حضرٍ . . . وأكرم الخلق من حافٍ ومنتعل
توراة موسى أتت عنه فصدقها . . . إنجيل عيسى بحق غير مفتعل
أخبار أحبار أهل الكتب قد وردت . . . عما رأوا ورووا في الأعصر الأول
ضاءت لمولده الآفاق وانصلت . . . بشرى الهواتف في الإشراق والطفل
وصرح كسرى تداعى من قواعده . . . وانقاض منكسر الأرجاء ذا ميل
ونار فارس لم توقد وما خمدت . . . مذ ألف عام ونهر القوم لم يسل
خرت لمبعثه الأوثان وانبعثت . . . ثواقب الشهب ترمي الجن بالشعل
ومنطق الذئب بالتصديق معجزةٌ . . . مع الذراع ونطق العير والجمل وفي دعائك بالأشجار حين أتت . . . تسعى بأمرك في أغصانها الذلل
وقلت عودي فعادت في منابتها . . . تلك العروق بإذن الله لم تمل
والسرح بالشام لما جئتها سجدت . . . شم الذوائب في أغصانها الخضل
والجذع حن لأن فارقته أسفاً . . . حنين ثكلى شجتها لوعة الثكل
ما صبر من صار من عينٍ على أثرٍ . . . وحال من حال من حالٍ إلى عطل
حي فمات سكوناً ثم مات لدن . . . حي حنيناً فأضحى غاية المثل

الصفحة 228