كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 236 """"""
فتح المدائن والقصور . وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً ، قال عمر : كذلك تقول يابن عباس ؟ فقلت : لا ، قال : فما تقول ؟ قلت : هو أجل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أعلمه له ؛ قال : " إذا جاء نصر الله والفتح " وذاك علامة أجلك " فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً " فقال عمر رضي الله عنه ، ما أعلم منها إلا ما تقول . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ما صلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بعد أن نزلت عليه : " إذا جاء نصر الله والفتح " إلا يقول فيها : " سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " إذا جاء نصر الله والفتح " داعٍ من الله ووداعٌ من الدنيا . وعنه رضي الله عنه قال : لما نزلت " إذا جاء نصر الله والفتح " دعا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فاطمة فقال : " إنه نعيت إلى نفسي " قالت فبكيت ، فقال : " لا تبكي فإنك أول أهلي بي لحوقاً " فضحكت . وروى محمد بن سعد بسنده إلى أنس بن مالك : أن الله تبارك وتعالى تابع الوحي على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قبل وفاته حتى توفى ، وأكثر ما كان الوحي في يوم توفي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . وروى ابن سعد أيضاً بسنده إلى عكرمة قال قال العباس : لأعلمن بقاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فينا ، فقال له : يا رسول الله ، لو اتخذت عرشاً فإن الناس قد آذوك ، قال : " والله لا أزال بين ظهرانيهم ينازعوني ردائي ويصيبني غبارهم حتى يكون الله يريحني منهم " قال العباس : فعرفنا أن بقاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فينا قليل . وعن وائلة بن الأسقع قال : خرج علينا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : " أتزعمون أنى من آخركم وفاة ، ألا وإني من اولكم وفاة ، وتتبعوني أفناداً يهلك بعضكم بعضا " . وعن أبي صالح قال : كان جبريل يعرض القرآن كل سنة مرة على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فلما كان العام الذي قبض فيه عرض عليه مرتين . وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يعتكف في شهر رمضان العشر الأواخر ، فلما كانت السنة التي قبض فيها اعتكف عشرين يوماً . وعن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم نحوه .
ذكر استغفار رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لأهل بقيع الغرقد والشهداء ، وما روي من تخييره بين البقاء ولقاء الله تعالى ، واختياره لقاء ربه عز وجل
روى عن عائشة رضي الله عنها قالت : قام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ذات ليلة فلبس ثيابه ثم خرج ، فأمرت جاريتي بريرة فتبعته ، حتى إذا جاء البقيع وقف في أدناه ما شاء الله

الصفحة 236