كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 239 """"""
" إن الله خيّر عبداً بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله " فبكي أبو بكر فقلت في نفسي : ما يبكي هذا الشيخ أن يكون رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يخبرنا عن عبدٍ خيّر فاختار ؟ قال : وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) هو المخيّر ، وكان أبو بكر أعلمنا به ، قال فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " يا أبا بكر لا تبك ، أيها الناس ، إن أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر ، ولو كنت متخذاً من الناس خليلاً كان أبو بكر ، ولكن أخوّة الإسلام ومودّته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سدّ إلا باب أبي بكر " . وعن قتيبة بن سعيد عن الليث بن سعد ، عن يحيى بن سعيد ؛ أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " إن أعظم الناس عليّ منّاً في صحبته وذات يده أبو بكر ، فأغلقوا هذه الأبواب الشارعة كلها في المسجد إلا باب أبي بكر " قال قتيبة : قال الليث بن سعد ، قال معاوية ابن الصالح ، فقال ناس : أغلق أبوابنا وترك باب خليله ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " قد بلغني الذي قلتم في باب أبي بكر ، وإني أرى على باب أبي بكر نوراً وأرى على أبوابكم ظلمة " رواه محمد بن سعد في طبقاته الكبرى . وروى بسنده إلى عكرمة عن ابن عباس قال : خرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في مرضه الذي مات فيه عاصباً رأسه في خرقة ، فقعد على المنبر فحمد الله وأثنى عايه وقال : " إنه ليس أحد أمنّ عليّ في نفسه وماله من أبي بكر بن قحافة ، ولو كنت متخذاً من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن خلة الإسلام أفضل ، سدّوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر " وعن أبي الحويرث قال : لمّا أمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالأبواب تسد إلا باب أبي بكر ، قال عمر : يا رسول الله ، دعني أفتح كوّة أنظر إليك حين تخرج إلى الصلاة ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " لا " .
وعن أبي البدّاح بن عاصم بن عدي ، قال العباس بن عبد المطلب : يا رسول الله ، ما بالك فتحت أبواب رجال إلى المسجد ، ومالك سددت أبواب رجال ؟ فقال : " يا عباس ، ما فتحت عن أمري ولاسددت عن أمري " قالت عائشة رضي الله عنها في حديثها : وأوصى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالأنصار ، فقال : " يا معشر المهاجرين ، إنكم أصبحتم تزيدون والأنصار لا تزيد على هيئتها التي هي عليها اليوم ، هم عيبتي التي أويت إليها ، أكرموا كريمهم ، وتجاوزوا عن مسيئهم " . ومن رواية : " احفظوني فيهم ؛ اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم " .

الصفحة 239