كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 24 """"""
على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأخبره ؛ فقال : " من لهؤلاء القوم " ؟ فانتدب لهم عيينة بن حصن ، فبعثه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في خمسين فارسا من العرب ، ليس فيهم مهاجريّ ولا أنصاريّ فأغار عليهم ، فأخذ منهم أحد عشر رجلا ، وإحدى عشرة امرأة ، وثلاثين صبيا ، فجلبهم إلى المدينة ، فقدم فيهم عدّة من رؤساء بني تميم ، منهم عطارد بن حاجب ، والزّبرقان بن بدر ، وقيس بن عاصم ، وقيس بن الحارث ، ونعيم بن سعد ، والأقرع بن حابس ، ورياح ابن الحارث ، وعمرو بن الأهتم ، وغيرهم كما ذكرنا ذلك في الغزوات في خبر سريّة عيينة . قال ويقال : كانوا تسعين أو ثمانين رجلا .
قال ابن إسحق : والحتات بن يزيد أحد بني دارم . قال : ومعهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاريّ ، قالوا : فدخلوا المسجد وقد أذّن بلالٌ بالظهر ؛ والناس ينتظرون خروج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فعجلوا واستبطأوه ، فنادوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من وراء حجراته : يا محمد اخرج إلينا . فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأقام بلال ، فصلّى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الظهر ، ثم أتوه ؛ فقال الأقرع بن حابس : يا محمد ، ايذن لي ، فوالله إنّ حمدي لزينٌ ، وإنّ ذمّي لشينٌ . فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " كذبت ، ذاك الله تبارك وتعالى " . حكاه ابن سعد .
وحكى محمد بن إسحاق أنهم قالوا : يا محمد ، جئناك لنفاخرك ، فأذن لشاعرنا وخطيبنا . قال : " لقد أذنت لخطيبكم فليقل " ، فقام عطارد بن حاجب ، فقال الحمد لله الذي له علينا الفضل والمنّ ؛ وهو أهله الذي جعلنا ملوكا ، ووهب لنا أموالا عظاما ، نفعل فيها المعروف ، وجعلنا أعزّ أهل المشرق وأكثره عددا ، وأيسره عدّة ، فمن مثلنا في النّاس ؟ ألسنا برؤوس النّاس وأولى فضلهم ؟ فمن فاخرنا فليعدّد مثل ما عدّدنا ، وإنّا لو نشاء لأكثرنا الكلام ، ولكنا نحيا من الإكثار فيما أعطانا ، وأنّا نعرف بذلك . أقول هذا لأن تأتونا بمثل قولنا ، وأمرٍ أفضل من أمرنا . ثم جلس . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لثابت بن قيس بن الشّماس أخي بن الحارث ابن الخزرج : " قم فأجب الرجل في خطبته " . فقام ثابت فقال : الحمد لله الذي السماوات والأرض خلقه ، قضى فيهنّ أمره ، ووسع كرسيّه علمه ، ولم يك شيء قطّ إلا من فضله ، وكان من قدرته أن جعلنا ملوكا ، واصطفى من خير خلقه رسولاً ، أكرمه نسبًا ، وأصدقه حديثًا ، وأفضله حسبًا ، فأنزل عليه كتابه ، وائتمنه على خلقه فكان خيرة الله من العالمين ، ثم دعا الناس إلى الإيمان به ، فآمن