كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 240 """"""
ذكر ما قاله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وفيه
روي عن أبي أمامة ، عن كعب بن مالك قال : إنّ أحدث عهدي بنبيكم ( صلى الله عليه وسلم ) قبل وفاته بخمس ، فسمعته يقول ويحرك كفه " إنه لم يكن نبيّ قبلي إلا وقد كان له من أمته خليل ، ألا وإن خليلي أبو بكر ، إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً " . وعن أبي مليكة قال قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في مرضه الذي مات فيه : " ادعوا إليّ أبا بكر " فقالت عائشة : إن أبا بكر رجل يغلبه البكاء ، ولكن إن شئت دعونا لك ابن الخطاب ، قال : " ادعوا إليّ أبا بكر " قالت إن أبا بكر يرقّ ، ولكن إن شئت دعونا لك ابن الخطاب . فقال : " إنكن صواحب يوسف ، ادعوا إليّ أبا بكر وابنه ، فليكتب أن يطمع في أمر أبي بكر طامع أو يتمنّى متمنٍّ " ثم قال : " يأبى الله ذلك والمؤمنون ، يأبى الله ذلك والمؤمنون " قالت عائشة : فأبى الله ذلك والمؤمنون ، فأبى الله ذلك والمؤمنون . وروى محمد بن سعد بسنده إلى عروة ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، والقاسم بن محمد ، كلهم يحدّث عن عائشة رضي الله عنها - دخل حديثهم بعضه في حديث بعض - قالت : بدئ برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في بيت ميمونة فدخل عليّ وأنا أقول : وا رأساه ، فقال : " لو كان ذلك وأنا حيٌّ فأستغفر لك وأدعوا لك وأكفنك وأدفنك " فقلت : واثكلاه ، فوالله إنك لتحب موتي ، ولو كان ذلك لظللت يومك معرّساً ببعض أزواجك . فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " بل أنا وارأساه لقد هممت - أو أردت - أن أرسل إلى أبيك وإلى أخيك فأقضي أمري ، وأعهد عهدي ، فلا يطمع في الأمر ، طامع ولا يقول القائلون : أو يتمنى المتمنون " . وقال بعضهم في حديثه : ويأبى الله إلا أبا بكر " . وعن محمد بن جبير قال : جاء رجل إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يذاكره في الشيء ، فقال : إن جئت فلم أجدك ؟ قال : " فأت أبا بكر " . وعن عاصم بن عمرو بن قتادة ، قال : ابتاع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بعيراً من رجل إلى أجل فقال : يا رسول الله ، إن جئت فلم أجدك ؟ يعني بعد الموت ، قال : " فأت أبا بكر " قال : فإن جئت فلم أجد أبا بكر ، بعد الموت ؟ قال : " فأت عمر " ، قال فإن جئت ولم أجد عمر ؟ قال : " إن استطعت أن تموت إذا مات عمر فمت " .

الصفحة 240