كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)

"""""" صفحة رقم 243 """"""
أبي بكر ركعة من الصبح ثم قض الركعة الباقية . قال الواقدي : ورأيت هذا الثبت عند أصحابنا ؛ أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) صلى خلف أبي بكر .
وروى محمد بن سعد بسنده إلى عبد الله بن زمعة بن الأسود قال : عدت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في مرضه الذي توفي فيه ، فجاءه بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " مر الناس فليصلوا " قال عبد الله : فخرجت فلقيت ناساً لا أكلمهم ، فلما لقيت عمر بن الخطاب لم أبغ من وراءه ، وكان أبو بكر غائباً فقلت له : صل بالناس يا عمر ، فقام عمر في المقام وكان عمر رجلاً مجهراً ، فلما كبّر سمع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) صوته ، فأخرج رأسه حتى أطلعه للناس من حجرته ، فقال : " لا ، لا ، لا ، ليصل بهم ابن أبي قحافة " قال : يقول ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مغضباً ، قال : فانصرف عمر فقال لعبد الله بن زمعة : يابن أخي أمرك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن تأمرني ؟ قال فقلت : لا ، ولكني لما رأيتك لم أبغ من وراءك ، فقال عمر : ما كنت أظن حين أمرتي إلا أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أمرك بذلك ، ولولا ذلك ما صليت بالناس ، فقال عبد الله : لما لم أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة . وعن عبد الله بن عباس قال : حضرت الصلاة فقال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : " مروا أبا بكر يصلي بالناس " فلما قام أبو بكر مقام النبي ( صلى الله عليه وسلم ) اشتد بكاؤه وافتتن ، واشتد بكاء من خلفه ، لفقد نبيهم ( صلى الله عليه وسلم ) ، فلما حضرت الصلاة جاء المؤذن إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : قولوا للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) يأمر رجلاً يصلي بالناس ، فإن أبا بكر قد افتتن من البكاء والناس خلفه ، فقالت حفصة زوج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : مروا عمر يصلي بالناس حتى يرفع الله رسوله ، قال : فذهب إلى عمر فصلى بالناس ، فلما سمع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) تكبيره قال : " من هذا الذي أسمع تكبيره " فقالت له أزواجه : عمر بن الخطاب ، وذكروا له ما قاله المؤذن ، وما قالت حفصة ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إنكن لصواحب يوسف ، قولوا لأبي بكر فليصل بالناس " قال : فلو لم يستخلفه ما أطاع له الناس . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : لم يزل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في وجعه إذا وجد خفة خرج ، وإذا ثقل وجاءه المؤذن قال : " مروا أبا بكر يصلي بالناس " فخرج من عنده يوماً يأمر بالناس يصلون وابن أبي قحافة غائب ، فصلى عمر بن الخطاب بالناس فلما كبر قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " لا ، لا ، أين ابن أبي قحافة " ؟ قال : فانتقضت الصفوف وانصرف عمر ، قال : فما برحنا حتى طلع ابن أبي قحافة وكان بالسنح فتقدم فصلى بالناس . وعن أنس بن مالك : أنا أبا بكر -

الصفحة 243