كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 18)
"""""" صفحة رقم 245 """"""
وأما الكتاب الذي أراد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يكتبه ثم تركه لما وقع عنده من التنازع
فقد اختلفت الروايات في هذا الحديث عن عبد الله بن عباس وغيره ، فمن رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم أنه قال : اشتكى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يوم الخميس فجعل - يعني ابن عباس - يبكي ويقول : يوم الخميس وما يوم الخميس ، اشتد بالنبي ( صلى الله عليه وسلم ) وجعه فقال : " ايتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبداً " قال فقال بعض من كان عنده : إن نبي الله هجر ، قال فقيل له : ألا نأتيك بما طلبت ؟ قال : " أو بعد ماذا " ؟ فلم يدع به . ومن طريق آخر عن سليمان بن أبي مسلم عن سعيد بن جبير قال : فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع . فقالوا : ما شأنه أهجر ؟ استفهموه ، فذهبوا يعيدون عليه . فقال : " دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه " . قال : وأوصى بثلاث ، قال : " أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم " وسكت عن الثالثة ، فلا أدري قالها فنسيتها ، أو سكت عنها عمداً ؟ . ومن رواية طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " ايتوني بالكتف والدواة أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا " . قال فقالوا : إنما يهجر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . هذه الروايات عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما . وروى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال : لما حضرت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الوفاة ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده " فقال عمر : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد غلبه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله . فاختلف أهل البيت واختصموا ، فمنهم من يقول : قربوا يكتب لكم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما كثر اللغلط والاختلاف وغمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : " قوموا عني " . قال عبيد الله : فكان ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم . وعن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال في مرضه : " ايتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً " . فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : من لفلانة وفلانة - من مدائن الروم - إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لن يموت حتى يفتتحها ، ولو مات لانتظرناه ، كما انتظرت بنو إسرائيل موسى ؛ فقالت زينب زوج النبي ( صلى الله عليه وسلم ) : ألا تسمعون للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) يعهد إليكم ؟ فلغطوا